للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صنّف الحريري، واعترف لَهُ بالفضل.

ومن كلامه: «الماء إذا طال مُكْثُه ظهر خُبْثُه، وإذا سكن مَتْنُهُ تحرّك نَتْنُه» .

«الموت خطْب قد عُظم حتى هان، ومَسُّ قد خُشن حتّى لان» .

«والدنيا قد تنكّرت حتى صار الموت أخفّ خُطُوبها، وخَبُثَتْ حتى صار أصغر ذنوبها، فانظر يَمْنَةً هَلْ ترى إلا محنة، ثم انظر يَسْرَةً، هَلْ ترى إلا حَسْرَةً» .

ومن رسائله البديعة، وكان قد جرى ذِكْره فِي مجلس شيخه أبى الحسين بْن فارس فَقَالَ ما معناه: إنّ بديع الزمان قد نسي حق تعليمنا إيّاه وعَقَّنَا، وطمح بأنفه عنّا، فالحمد للَّه عَلَى فساد الزّمان، وتَغَيُّر نَوْع الْأنْسَان.

فبلغ ذَلِكَ بديعَ الزّمان، فكتب إِلَيْهِ: نعم، أطال اللَّه بقاء الشَّيْخ الإمام، إنّه الحَمأ المَسْنُون، وإن ظننت بِهِ الظُّنون، والناس لادم، وإن كَانَ العهد قد تَقَادَم، وتركَّبت الْأضْداد، واختلاف البلاد، والشيخ يقول: فسد الزّمان، أفلا يَقُولُ: مَتَى كَانَ صالحًا فِي الدّولة العباسية، فقد رأينا آخرها، وسمعنا أوّلها أم المدّة المَرْوَانية، وفي أخبارها.

لا تكسع الشول بأغبارها ... أم السّنين الحربيّة

والسيف يُعقَد فِي الطّلى ... والرُّمْحُ يُركز فِي الكلَى [١]

ومبيت [٢] حجر بالمَلا ... وحرتان وكربلا

أم البيعة الهاشميّة، والعشرة برأس من بني فِراس، أَم الْأيّام الْأمَوية، والنّفير إلى الحجاز، والعيون تنظر إلى الْأعجاز، أم الْأمارة العَدَوِيّة، وصاحبها يَقُولُ: هَلُمّ بعد البزول إلى النزول، أم الخلافة التَيْميّة، وهو يَقُولُ:

طُوبى لمن مات فِي نأنأة الْإسلام، أَمْ على عهد الرسالة ويوم الفتح، قيل:


[١] في اليتيمة ٤/ ٢٥٥.
والرمح يركز في الكلى ... والسيف يغمد في الكلى
[٢] في اليتيمة:
ومبيت حجر في الفلا ... والحرقان وكربلا