قَالَ: فجّردتُ مِن فضائل عليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نحو ثلاثمائة سحاةً أو أكثر، ونظمتُ ذَلِكَ في خيط حتّى أؤلّفها، واجعل كلَّ شيءً في موضعه، وجعلتها في سقْف. وأقمتُ في معاشي نحو شهرين وأنا مشغول، فرأيتُ أبي في النّوم، فقال لي: أجبْ أمير المؤمنين عليّا.
فقلت: نعم.
فتقدّمني إلى ناحية المحراب مِن جامع عَمْرو، فإذا بعليّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جالس عند القِبْلة وتحته وطاء يشبه وطاء الصُّوفيّة، ونَعْلاه قد خرج بعضهما مِن تحت الوطاء، وله بطْن ولحية عظيمة عريضة قد ملأت صدْره، وتظهر لمن كَانَ مِن ورائه مِن فوق كِتَفيه، ولونُهُ فيه أَدَمة، فقلت: السّلام عليكم يا أمير المؤمنين. فرد عليّ السّلام ونظر إليّ وقال: اجلس.
فجلستُ وبقي أَبِي قائمًا [١] . ثمّ مدَّ يده إلى الحصير الَّذِي في جوار القِبْلة، فأخرج ذَلِكَ الخيط بعَيْنه الَّذِي فيه الرّقاع فقال: ما هذه؟
قلتُ: فضائلك يا أمير المؤمنين.
فقال: ولِمَ أَفْرَدْتَني؟ كنت إذْ أردت تبتدئ بفضائل أبي بَكْر، وعمر، وعثمان، وفضائلي.
فقلت: السّمع لك والطّاعة يا أمير المؤمنين.
وأنا بين يديه ما برِحْت، ثمّ استيقظت ومضيتُ إلى المكان الَّذِي فيه تِلْكَ الرّقاع، فما وجدتها إلى الآن. وبقيت مِن سألني عَنْ فضائله. قلت لَهُ: مَعَ فضائل أصحابه رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.