للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطّابيّ، وأبي بَكْر القَطِيَعيّ.

وبَرع في العربيّة واللّغة. ودخل الأندلس في أيّام المؤيَّد باللَّه هشام بْن الحَكَم. وكان حافظًا للآداب، سريع الجواب، طيب العِشْرة، حُلْو المفاكهة، فأكرمه الحاجب المنصور محمد بْن أَبِي عامر وزاد في الإحسان إِليْهِ.

جمَع الفصوص عَلَى نحو «أمالي القالي» للمنصور، فأثابه عَليْهِ خمسة آلاف دينار. وكان متَّهَمًا في النَّقل، فلهذا هجروا كتابه وقد تخرَّج بِهِ جماعة مِن فُضَلاء الأندلس. لمّا ظهر كذبِه للمنصور رمى بكتابه في النّهر [١] .

ثمّ خرج مِن الأندلس في الفتنة وقصد صقلّية، فمات بها.

قَالَ أبو محمد بْن حزم: تُوُفّي بصِقِلّية سنة سبْع عشرة [٢] .

قَالَ ابن بَشْكُوَال [٣] : كَانَ صاعد يُتَّهَم بالكِذب.

وقد ذكره الحُمَيْديّ في تاريخه [٤] فقال: أخبرني شيخٌ أنّ أبا العلاء دخل عَلَى المنصور في مجلس أنس، وقد اتّخذ قميصا من رقاع الخرائط الّتي وصلت إليه، فيها صلاته، فلمّا وجد فرصة تجرّد وبقي في القميص، فقال المنصور: ما هذا؟ فقال: هذه خِرَق صِلات مولانا اتّخذتها شعارًا. وبكى وأتبع ذَلِكَ الشُّكْر. فأعجب بِهِ وقال: لك عندي مزيد.

قَالَ: وكتابه «الفُصوص» عَلَى نحو كتاب «النوادر» للقالي. وكان كثيرًا ما تُستغرب لَهُ الألفاظ ويُسأل عَنْهَا فيُسرع الجواب.

نحو ما يُحكى عن أَبِي عَمْرو الزّاهد قَالَ: ولولا أنّ أبا العلاء كَانَ كثير المُزَاح لمّا حُمِل إلا عَلَى التّصديق.

قلت: طوّل ترجمته بحكاياتٍ وأشعار رائقة له.


[١] وفيات الأعيان ٢/ ٤٨٨، ٤٨٩.
[٢] في الجذوة، والصلة، وإنباه الرواة، والمكتبة الصقليّة: توفي قريبا من سنة ٤١٠ هـ.
[٣] في الصلة ٢٣٨.
[٤] في: جذوة المقتبس ٢٤٠.