للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فوُجِدت كذلك. فأعرض السّلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسّك بمذهب الشّافعيّ. هكذا ذكر إمامُ الحرمين بأطول من هذه العبارة [١] .

وقال عبد الغافر بن إسماعيل الفارسيّ في ترجمة محمود السّلطان [٢] : كان صادقَ النّيّة في إعلاء كلمة الله، مظفَّرًا في الغزوات [٣] ، ما خَلَتْ سنةٌ من سِنِيّ مُلكه عن غزوةٍ وسَفْرةٍ. وكان ذكيا بعيد الغَوْرِ، موفَّقُ الرأي. وكان مجلسه مورد العلماء، وقبره بغَزْنَة يُدْعى عنده [٤] .

وقال أبو عليّ بن البنّاء: حكى عليّ بن الحُسين العُكْبَريّ أنّه سمع أبا مسعود أحمد بن محمد البَجَليّ قال: دخل ابن فُورَك على السُّلطان محمود فقال: لا يجوز أن يوصف الله بالفَوْقيّة، لأنه يلزمك أن تَصِفَه بالتَّحْتيّة، لأن من جاز أن يكون له فوق، جاز أن يكون له تحت.

فقال السّلطان: ليس أنا وصفته حتّى تُلْزِمَني. هو وصف نفسه.

فبُهِت ابن فُورَك. فلمّا خرج من عنده مات، فيقال: انشقّت مرارته [٥] .

وقال عبد الغافر [٦] : قد صُنِّف في أيّام محمود وغزواته تواريخ [٧] ، وحُفِظَت حركاتُه وسكناتُه وأحواله لحظةً لحظة. وكانت مستغرقة في الخيرات ومصالح


[١] وفيات الأعيان ٥/ ١٨٠، ١٨١.
[٢] في (المنتخب من السياق ٤٤٦) .
[٣] في (المنتخب) : «المظفّر في الغزوات والفتوح» .
[٤] في (المنتخب) : «رجل عليّ الجدّ، ميمون الاسم، مبارك الدولة والنوبة على الرعية، ... قد صنّف في أيامه ومبادي أموره وأمور أبيه وغزواته وأسفاره تواريخ وتصانيف، وحفظت حركاته وسكناته وأيامه وأحواله لحظةً لحظة، وكانت مستغرقة في الخيرات، ومصالح الرعية ... يسّر الله له من الأسباب والأمور، والعساكر والجنود، والهيبة والحشْمة في القلوب ما لم يره أحد، قدم نيسابور قدمات، وظهرت بيمنه آثار حسنة ورسوم مرضيّة. وكان مجلسه مورد العلماء، ومقصد الأئمة والقضاة، يعرف لكل واحد حقّه، ويخاطبه بما يستحقّه، ويستدعي الأكابر والصدور والعلماء من كل فن إلى حضرة غزنة، ويبوّئهم من ظلّه وإنعامه وإكرامه المحلّ الرفيع، ويصلهم بالصّلات السّنيّة. ولست أشكّ أنه قد توسّل المتوسّلون إلى مجلسه وتقرّبوا إليه بالحديث وسمعوا الروايات» .
[٥] جاء في هامش الأصل: «ث. زعم ابن حزم أن السلطان قتله» .
[٦] في: المنتخب من السياق ٤٤٦.
[٧] عبارته في (المنتخب) : «قد صنّف في أيامه ومبادي أموره وأمور أبيه وغزواته وأسفاره تواريخ وتصانيف» .