للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان كهلا، ولد سنة أربع وستّين وثلاثمائة، فبقي متردّدًا في الثُّغُور سنتين وعشرة أشهر، وثارت هناك فِتَنٌ كثيرة واضطرابٌ شديد، فاتّفق رأي الرّؤساء على تسييره إلى قَصَبة المُلْك قُرْطُبة، فدخلها في ليلة عَرَفَة. ولم يقم إلّا يسيرًا حتّى قامت عليه طائفة من الْجُنْد، فخُلع [١] . وجرت أمورٌ طويلة، وأُخرج من القصر هو وحاشيته وحريمه، والنِّساء حاسرات عن وجوههنّ، حافيةً أقدامهنّ، إلى أن دخلوا الجامع، فبقوا هنالك أيّامًا، ثمّ أُخرجوا عن قُرْطُبة. ولحِق المعتدّ باللَّه بابن هود المتغلب على سرقسطة [٢] ، ولاردة [٣] ، وطرطوشة [٤] ، فأقام في كنفه إلى أن مات سنة سبْعٍ وعشرين وأربعمائة [٥] .

وهو آخر ملوك بنى أُميّة بالأندلس.

٢٤٦- الهيثم بن محمد بن عبد الله [٦] .

أبو أحمد الأصبهاني الخرّاط. سِبْط المذكّر.

روى عنه: أبي القاسم الطَّبْرانيّ.

روى عنه: ابن بِشْرُوَيْه، وجماعة.


[١] جذوة المقتبس ٢٨، وذكر ابن عذاري المرّاكشي سبب خلعه فقال: «وكان سبب خلعه أنّ المتولّي لأمره والقائم بسلطانه والمنفرد بمشورته وزير له لم تكن له سالفة بشرف ولا جاه متقدّم، يعرف بحكم بن سعيد القزّاز، ويكنى بأبي العاصي، وكان يخالف الوزراء المتقدّمين بقرطبة ويأخذ أموال التجار فيتكرّم بها على البربر ويجزل لهم العطاء، فبغضه أهل قرطبة لذلك فدسّ إليه من مثل بين يديه وقال له: عندي نصيحة أريد أن أسرّها إليك- وكان أبو العاصي المذكور أطرش لا يسمع إلّا يسيرا- فلما أعطاه أذنه رمى به عن فرسه في بعض أزقّة المدينة فقتله، وكان الّذي قتله يعرف بابن الحصّار، وخلع المعتدّ باللَّه بسببه إذ كان مائلا إليه وقائلا بقوله» . (البيان المغرب ٣/ ١٤٦) .
[٢] سرقسطة: في شرق الأندلس، وهي المدينة البيضاء، وهي قاعدة من قواعد الأندلس، كبيرة القطر، آهلة ممتدّة الأطناب، واسعة الشوارع. (الروض المعطار ٣١٧) .
[٣] لازدة: في ثغر الأندلس الشرقي، بشرقىّ مدينة وشقة. (الروض المعطار ٥٠٧) .
[٤] طرطوشة: من بلنسية إلى طرطوشة مائة ميل وعشرة أميال. وهي في سفح جبل، بينها وبين البحر الشامي عشرون ميلا، وهي باب من أبواب البحر ومرفأ من مرافئه. (الروض المعطار (٣٩) .
[٥] جذوة المقتبس ٢٩.
[٦] لم أجد مصدر ترجمته.