للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نُعَيْم أربعَ عشرةَ سنةٍ بلا نظير، لا يوجد شرقًا ولا غربًا أعلا [١] إسنادًا منه ولا أحفظ منه. وكانوا يقولون لمّا صنَّف كتاب «الحِلْية» : حُمِل إلى نَيْسابور حال حياته، فاشتروه بأربعمائة دينار [٢] .

وقد روى أبو عبد الرّحمن السُّلَميّ مع تقدّمه عن رجلٍ عن أبي نُعَيْم، فقال في كتاب «طبقات الصُّوفيّة» [٣] : ثنا عبد الواحد بن أحمد الهاشميّ، حدّثنا أبو نُعَيْم أحمد بْن عَبْد اللَّه، أَنَا محمد بْن عليّ بن حُبَيْش المقرئ ببغداد، أنا أحمد بن محمد بن سهل الأَدَميّ، فذكر حديثًا [٤] .

وقال السُّلَميّ: سمعت أبا العلاء محمد بن عبد الجبّار الفِرْسانيّ [٥] يقول:

صرتُ إلى مجلس أبي بكر بن أبي عليّ المعدَّل في صِغَري مع أبي، فلمّا فرغ من إملائه قال إنسان: مَن أراد أن يحضر مجلس أبي نُعَيْم فلْيَقُمْ- وكان أبو نُعَيْم في ذلك الوقت مهجورًا بسبب المذهب، وكان بين الحنابلة والأشْعَريّة تعصُّبٌ زائدٌ يؤديّ إلى فتنةٍ وقال وقيل، وصراعٍ طويل- فقام إليه أصحاب الحديث بسكاكين الأقلام، وكاد يُقْتَل [٦] .

وقال أبو القاسم عليّ بن الحسن الحافظ: ذكر الشّيخ أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني عمّن أدرك من شيوخ أصبهان أنّ السّلطان محمود بن سُبُكْتِكِين لمّا استولى على إصبهان أمرَّ عليها واليا من قِبَله ورحل عنها، فوثب أهلها بالوالي فقتلوه. فردّ السّلطان محمود إليها، وأمّنهم حتّى اطمأنوا. ثمّ قصدهم يوم جمعة وهم في الجامع فقتل منهم مقتلة عظيمة. وكانوا قبل ذلك قد منعوا أبا


[١] هكذا في الأصل.
[٢] تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٩٤، سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤٥٩، طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٢١.
[٣] ص ٢٦٦.
[٤] الحديث عن أبي واقد الليثي قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، والناس يجبّون أسمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم، فقال صلى الله عليه وسلم: «ما قطع من البهيمة- وهي حيّة- فهو ميتة» . (طبقات الصوفية ٢٦٦، ٢٦٧) .
[٥] الفرساني: بكسر الفاء أو ضمّها، وسكون الراء المهملة وبعدها السين المهملة وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى فرسان، وهي قرية من قرى أصبهان. قال ابن السمعاني: وكنت أظن أنها بضمّ الفاء إلى أن رأيت بخط الأمير ابن ماكولا بكسر الفاء. ومنها محمد بن عبد الجبار المذكور. (الأنساب ٩/ ٢٧٠) ،
[٦] تذكرة الحفاظ ٣/ ١٠٩٥، سير أعلام النبلاء ١٧/ ٤٥٩، ٤٦٠.