للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله تعالى أم لا؟ فوقع فيها اختلاف العلماء، ووقعت في أَلْسِنة العامّة، وكثر المراء، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسيّ فقال: إنْ أنْصَتُّم علّمتكم؟

قالوا: نعم.

قال: لا يكلّمني إلّا رجلٌ ويسمع الباقون.

فنصبوا واحدًا منهم، فقال له: أرأيتَ لو لقيتَ رجلًا فقلت له: أتعرف أبا عِمران الفاسيّ؟

فقال: نعم.

فَقُلْتُ: صفه لِي.

فقال: هو بقّال بسوق كذا، ويسكن سَبْتَه. أكان يعرفني؟

قال: لا.

فقال: لو لقيتَ آخر فسألته كما سألت الأوّل فقال: أعرفه يدرّس العلم ويُفْتي، ويسكن بغرب الشّماط [١] . أكان يعرفني؟

قال: نعم.

قال: كذلك الكافر، قال: لربِّه صاحبةٌ وولد، وأنّه جسمٌ لم يعرف الله، ولا وصَفَه بصفته، بخلاف المؤمن.

قالوا: شَفَيْتَنَا.

ودعوا له، ولم يخوضوا في المسألة بعدها [٢] .


[١] هكذا في الأصل وسير أعلام النبلاء ١٧/ ٥٤٧، أما في (ترتيب المدارك ٤/ ٧٠٥) : «بقرب السماط» .
[٢] وقال سليمان بن خلف بن سعد الباجي: أخبرني أبي رضي الله عنه أن الفقيه أبا عمران الفاسي مضى إلى مكة، وكان قرأ على أبي ذرّ شيئا فوافق أبا ذرّ في السّراة موضع سكناه. فقال لخازن كتبه: أخرج إليّ من كتبه كتاب كذا وكذا أنتسخه ما دام هو غير حاضر، فإذا حضر قرأته عليه، فقال الخازن: أما أنا فلا أجترئ على مثل هذا، ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت فخذها وافعل ذلك، فأخذها الفقيه أبو عمران وفتح وأخرج ما أراد، فسمع الشيخ أبو ذرّ بالسّراة بالأمر، فركب وطرّق إلى مكة وأخذ كتبه وأقسم ألّا يحدّثه. فلقد أخبرت أنّ أبا عمران كان بعد ذلك إذا حدّث عن أبي ذرّ شيئا مما كان حدّثه قبل يوري عن اسمه ويقول: أخبرني أبو عيسى.
وذلك أن أبا ذرّ كان تكنّيه العرب بأبي عيسى، لأنه كان له ابن يسمّى عيسى، والعرب إنما تكنّي الرجل باسم ابنه.