للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَتَل اللَّهُ ذا الحاجب [١] يعني مقدِّمَهم، وافتُتِحت نهاوند، ولم يكن للأعاجم بعد ذلك جماعة [٢] .

وبعث عُمَر السَّائب بْن الأقرع مولى ثقيف- وكان كاتبًا حاسبًا-، فَقَالَ:

إنْ فتح اللَّهَ على النَّاس فاقْسِم عليهم فَيْئَهم واعْزِلِ الْخُمْسَ. قَالَ السائب:

فإني لأقْسِم بين النَّاس إذ جاءني أعجميٌ فَقَالَ: أتُؤَمِّنَني على نفسي وأهلي على أن أدلك على كنز يزْدَجِرد يكون لك ولصاحبك؟ قلت: نعم، وبعثت معه رجلًا، فأتى بسَفَطَيْن عظيمين ليس فيهما إلا الدُّر والزَّبرجد واليواقيت، قَالَ: فاحتملتُهما معي، وقدِمْتُ على عُمَر بهما، فَقَالَ: أَدْخِلْهُما بيت المال، ففعلت ورجعت إلى الكوفة سريعًا، فما أدركني رسولُ عُمَر إلَّا بالكوفة، أناخ بعيره على عُرْقُوبَيْ بَعِيري فَقَالَ: الْحَقْ بأمير المؤمنين، فرجعت حتى أتيته، فقال ما لي ولابن أمّ السائب، وما لابن أمّ السائب وما لي، قلت: وما ذاك؟ قال: والله ما هو إلا أن نمت، فباتتْ ملائكةٌ تسحبني إلى ذينك السّفطين يشتعلان نارا يقولون: «لَنَكْوِيَنَّك بهما» ، فأقول: «إني سأقسِمُهما بين المُسْلِمين» ، فخذهما عنّي لا أبا لك فالْحَقْ بهما فبِعْهُما في أُعْطية المُسْلِمين وأرزاقهم، قَالَ: فخرجتُ بهما حتى وضعتهما في مسجد الكوفة، وغَشِيني التُّجَّار، فابتاعهما منّي عمرو بْن حُريث بألفي ألف درهم، ثُمَّ خرج بهما إلى أرض العجم فباعهما بأربعة آلاف ألف، فما زال أكثر أهل الكوفة مالا [٣] .


[١] هو: مردان شاه الملقّب ببهمن. وسمّي ذا الحاجب لأنه كان يعضب حاجبيه ليرفعهما عن عينيه كبرا. ويقال إنّ اسمه رستم. (فتوح البلدان ٣٠٨) .
[٢] في حاشية الأصل هنا: «بلغ في العرض على المصنّف» .
[٣] تاريخ الطبري ٤/ ١١٦، ١١٧ وانظر: فتوح البلدان ٣٧٣، ٣٧٤.