للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: الأمير أطال اللَّه بقاءه كالسّيف القاطع، لانَ مسُّهُ، وخشُنَ حدُّهُ، وكالنّهار الماتِع [١] ، قاظ وسطهُ، وطاب بَرْدُهُ. خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ ٧: ١٩٩ [٢] .

فقال له صالح: قد وهبتها لك.

ثُمَّ قال لهُ: أنشِدْنا شيئًا من شعرك لنرويه.

فأنشده بديها أبياتًا فيه، فترحَّل صالح [٣] .

وذُكِر أن أبا العلاء كان له مغارة ينزل إليها ويأكُل فيها، ويقول: الأعمى عورة والواجب استتاره في كل أحواله. فنزل مرّةً وأكل دُبْسًا، فنقّط على صدره منه ولم يشعر، فلمَّا جلس للإقراء قال له بعض الطَّلَبَة: يا سيِّدي أكلت دُبْسًا؟ فأسرع بيده إلى صدره يمسحه، وقال: نعم، لعن اللَّه النَّهمَ. فاستحسنوا سرعة فهمه [٤] .

وكان يعتذر إلى من يرحل إليه من الطَّلَبة، فإنّهُ كان ليس له سِعة، وأهل اليسار بالمعرَّة يُعرَفون بالبُخْل. وكان يتأوَّه من ذلك [٥] .

وذكر الباخَرْزيُّ [٦] أبا العلاء فقال: ضريرٌ ما له في الأدب [٧] ضريب، ومكفوف في قميص الفضل ملفوف، ومحجوب خصمه الألدّ محجوج. قد طال في ظِل [٨] الْإِسلام إناؤه ولكن إنما [٩] رشح بالْإِلحاد إناؤه. وعندنا [خبر بصره،


[١] في الأصل: «المانع» بالنون. والماتع: المرتفع. يقال: متع النهار: ارتفع قبل الزوال.
(القاموس المحيط) .
[٢] سورة الأعراف، الآية ١٩٩.
[٣] إنباه الرواة ١/ ٥٣، ٥٤.
[٤] إنباه الرواة ١/ ٥٥.
[٥] إنباه الرواة ١/ ٥٥.
[٦] في «دمية القصر» - تحقيق د. العاني- ج ١/ ٢٠١.
[٧] في الأصل: «الأديب» ، وفي «دمية القصر» ١/ ٢٠١: «في أنواع الأدب» .
[٨] في «دمية القصر» ج ١/ ٢٠٢: «ظلال» .
[٩] في «دمية القصر» : «ربّما» .