للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقُتِلَ وهذا الْإِمام صبيّ ابن تِسع [١] سنين، فأُقْعِد مجالس الوعظ مقام أبيه.

وحضر أئِمّةُ الوقت مجالسَه. وأخذ الْإِمام أبو الطّيب الصُّعْلُوكيُّ في تربيته وتهيئة شأنه. وكان يحضر مجالسه، والَأستاذ أبو إسحاق الْإِسْفَرَائِينيّ، والَأستاذ أبو بكر بن فُورَك، ويتعجّبون من كمال ذكائه وحُسن إيراده، حتّى صار إلى ما صار إليه. وكان مُشتغِلًا بكثرة العبادات والطّاعات، حتَّى كان يُضرَب بِه المَثَل [٢] .

وقال الحسين بن محمد الكتبيّ في تاريخه: توفّيّ أبو عثمان في المحرّم، وكان مولده سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وأول مجلسٍ عقده للوعظ بعد قتل والده في سنة اثنتين وثمانين.

وفي «معجم السَّفر» للسِّلفيّ: سمعت الحسن بن أبي الحُر بن مَصَادَة بثغر سلماس [٣] يقول: قدم أبو عثمان الصّابونيّ بعد حجّه، ومعه أخوه أبو يَعْلَى في أتباعٍ ودواب، فنزل على جدّي أَحْمَد بن يوسف بن عمر الهلاليّ، فقام بجميع مُؤَنِهِ. وكان يعقد المجلس كل يوم، وافتتن النّاس به. وكان أخوه فيه دعابة.

وسمعت أبا عثمان وقت أن ودَّع النّاس يقول: يا أهل سَلَمَاس، لي عندكم شهر أعِظُ وأنا في تفسير آيةٍ وما يتعلّق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة، لما تَعَرضْتُ لغيرها والحمد للَّه.

قلت: هكذا كان واللَّه شيخنا ابن تَيْمية، بقي أزيد من سنةٍ يفسّر في سورة نوح، وكان بحرًا لَا تُكَدِّرهُ الدِّلاء رحمه الله.


[١] في «المنتخب من السياق» ١٣٢: «بعد حول سبع سنين» ، ومثله في: مختصر تاريخ دمشق» ٤/ ٣٦٣، وتهذيب تاريخ دمشق ٣/ ٣٤.
والمثبت يتفق مع «سير أعلام النبلاء» ١٨/ ٤١.
[٢] المنتخب من السياق ١٣٢، ١٣٣، مختصر تاريخ دمشق ٤/ ٣٦٣، تهذيب تاريخ دمشق ٣/ ٣٣، ٣٤.
[٣] سلماس: بفتح أوله وثانيه، وآخره سين مهملة. مدينة مشهورة بأذربيجان، بينها وبين أرمية يومان، وبينها وبين تبريز ثلاثة أيام، وهي بينهما. (معجم البلدان) .