للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَظْهُرِكُمْ؟ قِيلَ: نَعَمْ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لَأَطَأَنَّ عَلَى رَقَبَتِهِ وَلَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ [١] ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي [٢] لِيَطَأَ عَلَى رَقَبَتِهِ، فَمَا فَجَأَهُمْ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَيَتَّقِي بِيَدَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ:

مَا لَكَ؟ قَالَ: إنّ بيني وبينه لخندقا من نار، [٣] فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [٤] . وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عُنُقَهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَوْ فَعَلَ لَأَخَذَتْهُ الْمَلَائِكَةُ عِيَانًا» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ [٥] . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ [٦] : ثُمَّ إِنَّ قُرَيْشًا أَتَوْا أَبَا طَالِبٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ هَذَا عُمَارَةُ بْنُ الْوَلِيدِ أَنْهَدُ [٧] فَتًى فِي قُرَيْشٍ وَأَجْمَلُهُ، فَخُذْهُ فَلَكَ عَقْلُهُ وَنُصْرَتُهُ [٨] وَاتَّخِذْهُ وَلَدًا فَهُوَ لَكَ، وَأَسْلِمْ إِلَيْنَا ابْنَ أَخِيكَ هَذَا الَّذِي قَدْ خَالَفَ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ نَقْتُلْهُ، فَإِنَّمَا رَجُلٌ كَرَجُلٍ [٩] ، فَقَالَ: بِئْسَ وَاللَّهِ مَا تَسُومُونَنِي، أَتُعْطُونِي ابْنَكُمْ أَغْذُوهُ لَكُمْ، وَأُعْطِيكُمُ ابْنِي تَقْتُلُونَهُ! هَذَا والله ما لا يكون أبدا.


[١] في صحيح مسلّم «أو لأعفّرنّ وجهه في التراب» .
[٢] في صحيح مسلّم «زعم ليطأ» .
[٣] في صحيح مسلّم «وهولا وأجنحة» .
[٤] صحيح مسلّم (٢٧٩٧) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب قوله: إنّ الإنسان ليطغى أن رآه استغنى، وللحديث بقيّة عنده، ورواه أحمد في مسندة ٢/ ٢٧٠، والبيهقي في دلائل النبوّة ١/ ٤٣٨.
[٥] صحيح البخاري ٦/ ٨٩ كتاب التفسير، باب قوله تعالى: كلّا لئن لم ينته لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة، ومسلّم (٢٧٩٧) كتاب صفات المنافقين، والترمذي في تفسير سورة العلق، وأحمد في مسندة ١/ ٢٦٨ و ٢/ ٢٧٠.
[٦] سيرة ابن هشام ٢/ ٥.
[٧] أنهد: أشدّ وأقوى.
[٨] هكذا في الأصل، وفي عيون الأثر، أما في سيرة ابن هشام ونهاية الأرب «نصره» .
[٩] في السيرة «فإنّما هو رجل برجل» .