للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخر رُسِمَ لَأبي القاسم عليّ بن المُسْلمة النَّظَر في أمور الخليفة، وتقدَّم إلى الحواشي بِتَوْفِيَة حقوقه فيما جُعِلَ إليه، فجلس لذلك على دِهْلِيز الفِرْدَوْس، وعليه الطَّيْلسان، وبين يديه الدَّواة، وهنَّاه الأعيان واستُدعي إلى حضرة أمير المؤمنين، ثم خرج فجلس في الدّيوان في مجلس عميد الرّؤساء ودَسْتِه. وحُمِلَ على بَغْلِه بمركب، ومضى إلى داره ومعه القضاة والَأشراف والحُجَّاب.

وقال [١] ، في سنة ثلاثٍ وأربعين: وفي عيد الأضحى حضر النّاس في بيت النّوبة، واسْتُدعي رئيس الرّؤساء، فخلع عليه، ولُقِّبَ جمال الورى شرف الوزراء.

قلت: ولم يبقَ له ضِدٌ إِلَّا البساسيريّ، وهو الأمير المُظَفَّر أبو الحارث أرسلان التُّركيّ، فإنَّهُ عظم قَدْرُهُ ببغداد، وبعد صيته، ولم يبق للملك الرحيم ابن بُويهْ معه إِلَّا مجرَّد الاسم.

ثُمّ إن المذكور خلع الخليفة، وتملَّك بغداد، وخطب بها للمستنصر العُبَيْديّ، وقتل رئيس الرّؤساء [٢] كما ذكرناه في ترجمة القائم وغير موضِع.

وقال أبو الفضل محمد بن عبد الملك الهَمَذَانيّ في «تاريخه» : إنَّ البَسَاسِيريّ حبس رئيس الرُّؤساء ثم أخرجه وعليه جُبَّة صُوف وطرطور أحمر، وفي رقبته مِخْنَقَةُ جُلُود، وهو يقرأ: قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ٣: ٢٦ [٣] ، الآية، وهو يُرَدّدها. وطِيفَ بِهِ على جَمَلٍ، ثم نصب له خشبة بباب خُراسان وخِيطَ عليه جلد ثَوْر سُلِخَ في الحال، وعُلِّقَ في فكَّيه كلّابان من حديد، وعُلِّقَ على الخشبة حيًّا، ولبث إلى آخر النّهار يضطّرب، ثم مات رحمه اللَّه [٤] .

قلت: ما أتت على البَسَاسِيريّ سنة حتّى قُتِلَ وطِيفَ برأسِهِ.


[١] في المنتظم ٨/ ٢٠٠.
[٢] الكامل في التاريخ ٩/ ٦٤٠.
[٣] سورة آل عمران، الآية ٢٦.
[٤] المنتظم ٨/ ١٩٧، المختصر في أخبار البشر ٢/ ١٧٨.