للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن خَيْرُون: كان رجُلًا عظيم القدر، متقدِّمًا عند السُّلطان، أحد الأئمَّة. لهُ التَّصانيف الحسان في كل فنٍّ من العلم. بينه وبين القاضي أبي الطَّيّب في الوفاة أحد عشر يوما [١] .

قال أبو عمر بن الصّلاح رحمه اللَّه: هو مُتَّهم بالْإِعتزال، وكنتُ أتأوَّل له وأعتذِر عنه، حتّى وجدته يختار في بعض الأوقات أقوالهم.

قال في تفسيره في الأعراف: لَا يُسَاءُ عبادة الأوثان.

وقال في قوله: جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا ٦: ١١٢ [٢] على وجهين، معناه: حكمنا بأنهم أعداء، والثّاني: تركناهم على العداوة، فلم نمنعهم.

قال ابن الصّلاح: فتفسيره عظيم الضَّرر، لكونه مشحونًا بتأويلات أهل الباطل، تدسيسًا وتلبيسًا. وكان لَا يتظاهر بالانتساب إلى المعتزلة حتى يُحْذَر، بل يجتهد في كِتْمان موافقته لهم، ولكن لَا يوافقهم في خلق القرآن ويوافقهم في القَدَر [٣] .

قال في قوله: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ ٥٤: ٤٩ [٤] يعني بِحُكْمٍ سابق. وكان لَا يرى صحَّة الرّواية بالإجازة. وذكر أنّه مذهب الشَّافعيّ. وكذا قال في المكاتبة أنَّها لَا تصحّ.

ثم قال ابن الصَّلاح: أنا عزّ الدّين بن الأثير، أنا خطيب الموصِل، أنا ابن بدران الحُلْوانيّ، أنا الماوَرْديّ، فذكر حديث: «هل أنت إلّا إصبع دميت» [٥] ؟


[١] طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٣٠٣.
[٢] سورة الأنعام، الآية ١١٢.
[٣] طبقات الشافعية الكبرى ٣/ ٣٠٤.
[٤] سورة القمر، الآية ٤٩.
[٥] أخرج البخاري في الأدب ٧/ ١٠٧ عن أبي نعيم، حدّثنا سفيان، عن الأسود بن قيس قال:
سمعت جندبا يقول: بينما النبي صلّى الله عليه وسلّم يمشي إذ أصابه حجر فعثر، فدميت إصبعه، فقال: «هل أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ما لقيت» . ورواه في الجهاد ٤/ ٢٠٤ باب من ينكب أو يطعن في سبيل الله، عن موسى بن إسماعيل، حدّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ جندب بن-