للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وولي قضاء بلد طلبيرة [١] فحمدت سيرته.

وقد عني بالحديث وكتبه وسماعه وجمعه.

وكان ذا مشاركة في عدة علوم حتى في الطب، مع العبادة الوافرة. وكثيرا ما كان يتمثل:

للَّه أيام الشباب وعصره ... لو يُستَعارُ جَدِيدُهُ فَيُعَارُ

ما كان أقصَرَ ليلِهِ ونهارِهِ ... وكذاك أيّام السُّرور قِصارُ [٢]

تُوُفّي في ذي القعدة، وله ثمانون سنة [٣] .

٧- إبراهيم ينال [٤] .


[١] طلبيرة: بفتح أوله وثانيه وكسر الباء الموحّدة ثم ياء مثنّاة من تحت ساكنة وراء مهملة، مدينة بالأندلس من أعمال طليطلة كبيرة قديمة البناء على نهر تاجه بضم الجيم. (معجم البلدان ٤/ ٣٧) .
[٢] الصلة ١/ ٥٧.
[٣] وقال ابن بشكوال: كان من أهل النباهة واليقظة والمشاركة في عدّة علوم، وكان أديبا حليما وقورا، وكان قد نظر في الطب وطالع منه كثيرا وعني به، وكان من المجتهدين بالقرآن، كان له منه حزب بالليل وحزب بالنهار، وكان كثير الالتزام لداره لا يخرج منه إلّا لصلاة أو لحاجة.
وكان يتناول شراء حوائجه بنفسه حتى البقل، ولا يخالط الناس، ولا يداخلهم.
وقرأت بخط أبي الحسن بن الإلبيري المقرئ وقد ذكر أبا عمر بن سميق هذا في شيوخه فقال: كان رحمه الله رجلا صالحا، حسن الخلق، كثير التواضع، محبّا في أهل السّنة، متّبعا لآثارهم، متحلّيا بآدابهم وأخبارهم، وولي قضاء طلبيرة فحمدت سيرته وشكرت طريقته، وكان يختلف إلى غلّة كانت له بحومة المترب يعمرها بالعمل ليعيش منها.
قال: وتذاكرت معه يوما من آداب عيادة المرضى، وتناشدنا قول الناظم في ذلك:
حكم العيادة يوم بين يومين ... واقعد قليلا كمثل اللّحظ بالعين
لا تبرمنّ عليلا في مساءلة ... يكفيك من ذاك تسأله بحرفين
يعني قول العائد للعليل: كيف أنت؟ شفاك الله.
وأنشدني لنفسه معارضا لهذا الشعر:
إذا لقيت عليلا ... فاقعد لديه قليلا
ولا تطوّل عليه ... وقل مقالا جميلا
وقم بفضلك عنه ... تكن حكيما نبيلا
وكان مليح الخبر، طريف الحكاية، مولده لتسع خلون من جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
[٤] انظر عن (إبراهيم ينال) في:
تاريخ البيهقي ٦٠٠، والمنتظم ٨/ ٢٠٢، وزبدة التواريخ ٥٦، ٥٧، ٦٠- ٦٢، والكامل في-