للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: ألم أرسل إليك في الهدنة فأبيت؟.

فقال: دعني من التوبيخ وافعل ما تريد.

قال: ما كان عزمك أن تفعل بي لو أسرتني؟

قال: أفعل القبيح.

قال: فما تظن أنني أفعل بك؟

قال: إما أن تقتلني، وإما أن تشهرني في بلادك، والأخرى بعيدة، وهي العفو، وقبول الأموال، واصطناعي.

قال له: ما عزمتُ على غير هذه [١] .

ففدى نفسه بألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار، وأن ينفذ إليه عسكره كلما طلبه، وأن يطلق كل أسير في مملكته. وأنزله في خيمةٍ، وأرسل إليه عشرة آلاف دينار ليتجهز بها، وخلع عليه وأطلق له جماعة من البطارقة، فقال أرمانوس: أين جهة الخليفة؟

فأشاروا له، فكشَفَ رأسه وأومأ إلى الجهة بالخدمة، وهادنه السلطان خمسين سنةً، وشيعه مسيرة فرسخ [٢] .

وأما الروم- لعنهم الله- فلما بلغهم أنه أسر ملكوا عليهم ميخائيل، فلما وصل أرمانوس إلى طرف بلاده بلغه الخبر، فلبس الصوف وأظهر الزهد، وجمع ما عنده من المال، فكان مائتي ألف دينار وجوهر بتسعين ألف دينار، فبعث به، وحلف أنه لا بقي يقدر على غير ذلك.

ثم إن أرمانوس استولى على بلاد الأرمن.


[١] في الكامل ١٠/ ٦٧: «هذا» .
[٢] علّق ابن العبري على هذا الخبر بقوله: «هكذا رأينا هذا الخبر في نسختين أحدهما عربية والثانية فارسية، غير أن البطريرك ميخائيل المغبوط ذكر أن ابن أخت السلطان هو الّذي قبض على الملك وأن رجلا كرديّا وثب فقتله وأوثق الملك كأنه هو الّذي أحرز الغلبة، وأن السلطان لما سأل الملك: ما كانت نيّتك أن تصنع بي لو وقعت بيدك؟ وأن ديو جنيس قال له: كنت أحرقك بالنار. فعلى ما يظهر أن عبارة كهذه لا يعقل أن يقولها ملك لملك. زد عليه أن رجلا كرديا لا يتيسّر له أن يقتل ابن أخت السلطان ويخطف الملك من يده مدّعيا أنه هو الّذي أوثقه، إذا كان هذا الكردي يخشى أقلّه أن يفضح الملك كذبه» . (تاريخ الزمان ١١١، ١١٢) .