للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفتح الله له بالسلامة، ودخل مصر، فولاه المستنصر جميع الأمر، ولقبه «أمير الجيوش» ، فلما كان الليل بعث من أصحابه عدة طوائف إلى أمراء مصر، فبعث إلى كل أمير طائفة ليقتلوه ويأتوه برأسه، ففعلوا. فلم يُصبحوا إلا وقد فرغ من أمراء مصر، ونقل جميع حواصلهم وأموالهم إلى قصر المستنصر، وسار إلى دمياط، وكان قد تغلب عليها طائفة، فظفر بهم وقتلهم، وشيد أمرها [١] .

وسار إلى الإسكندرية فحاصرها ودخلها عنوة، وقتل طائفةً ممن استولى عليها [٢] .

وسار إلى الصعيد فهذّبه. وقتل به في ثلاثة أيام اثني عشر ألف رجل، وأخذ عشرين ألف امرأة، وخمسة عشر ألف فرس، وبيعت المرأة بدينار، والفرس بدينارٍ ونصف.

فتجمَّعوا بالصعيد لحربه، وكانوا عشرين ألف فارس، وأربعين ألف راجل، فساق إليهم فكبسهم وهم على غرةٍ في نصف الليل، فأمر النفاطين فأضرموا النيران، وضربت الطبول والبوقات، فارتاعوا وقاموا لا يعقلون. وألقيت النار في دَجْلةٍ هناك، وامتلأت الدّنيا نارًا، وبلغت السماء فولوا منهزمين، وقتل منهم خلق، وغرق خلق، وسلم البعض. وغنمت أموالهم ودوابُّهم.

ثم عمل بالصعيد مصافًا آخر، ونصر عليهم وأحسن إلى الرعية، وأقام المزارعين فزرعوا البلاد، وأطلق لهم الخراج ثلاث سنين، فعمرت البلاد وعادت، وذلك بعد الخراب، إلى أحسن ما كانت عليه [٣] .


[١] نهاية الأرب ٢٨/ ٢٣٥، أخبار مصر لابن ميسّر ٢/ ٢٤، الدرّة المضيّة ٣٩٩ وفيه: «ومما يعتدّ من مبادئ سعادة أمير الجيوش أنه حضر من بيروت في البحر وأقلع منها فوصل منها إلى دمياط ثاني يوم، وصحت له هذه الصحوة حتى ضرب بها المثل، فقيل: صحوة أمير الجيوش» . وقال المقريزي: «وواتتهم ريح طيبة سارت بهم إلى دمياط ولم يمسسهم سوء، فكان يقال إنه لم ير في البحر قطّ صحوة تمادت أربعين يوما إلّا في هذا الوقت» . (اتعاظ الحنفا ٢/ ٣١١) .
[٢] أخبار مصر لابن ميسّر ٢/ ٢٤.
[٣] الدرّة المضيّة ٣٩٩، ٤٠٠، مرآة الجنان ٣/ ٩٤، تاريخ ابن الوردي ١/ ٣٧٧، اتعاظ الحنفا ٢/ ٣١١، ٣١٢ و ٣١٤.