قال غيث: كان الخطيب معنا في طريق الحج، وكان يختم كل يوم ختمة إِلَى قرب الغياب قراءة ترتيل. وقال: قلت للخطيب البغدادي: عظني، فقال: احذر نفسك التي هي أعدى أعدائك أن تتابعها على هواها فذاك أعضل دائك، واستشرف الخوف من الله تعالى بخلافها، وكرّر على قلبك ذكر نعوتها وأوصافها فإنّها لأمّارة بالسوء والفحشاء، والموردة من أطاعها موارد العطب والبلاء، واعمد في جميع أمورك إلى تحرّي الصدق، ولا تتبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله، وقد ضمن الله لمن خالف هواه أن يجعل جنّة الخلد قراره ومأواه، ثم أنشد لنفسه: إن كنت تبغي الرشاد محضا ... في أمر دُنياك والمَعَادِ فخالِفِ النَّفْس فِي هواها ... إن الهوى جامع الفساد (البداية والنهاية ١٠/ ١٤٤) .