للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستهلَّه. وكان ثقة نبيلًا. ولي القضاء بمدينة المنصور، وهو ممّن شاع أمره بالعبادة والصّلاح، حَتَّى كان يُقَالُ له: راهب بني هاشم. كتبتُ عَنْهُ.

وقال ابن السمعاني [١] : جازَ أبو الْحُسَين قَصَبَ السَّبْق فِي كلّ فضيلة عقلًا، وعِلمًا، ودينًا، وحزْمًا، ورأيا، وورعًا، ووقف عليه علوّ الإسناد. ورحل إليه الناس من البلاد. ثَقُل سمْعُه بأخرة، فكان يتولى القراءة بنفسه، مع عُلُوّ سِنّهِ، وكان ثقة حُجّة، نبيلًا مُكْثِرًا. وكان آخر من حدّث عن الدّار الدّارقطنيّ، وابن شاهين [٢] .

وقال أبو بكر ابن الخاضبة: رَأَيْت كأنّ القيامة قد قامت، وكأنّ قائلًا يقول:

أَيْنَ ابن الخاضبة؟ فَقِيل لي: أدخل الجنة. فلما دخلت الباب، وصرت من داخل، استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رجلي على الأخرى وقلت: آه، استرحتُ واللهِ من النَسْخ. فرفعت رأسي، وَإِذَا ببغلة مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ في يد غلام، فقلت: لمن هذه؟ فقال: للشريف أَبِي الْحُسَيْن بْن الغريق.

فَلَمَّا كان صبيحة تلك الليلة نُعِيَ إلينا الشريف بأنه مات فِي تلك الليلة [٣] .

وقال أبو يعقوب يوسف الهمذانيّ: كان أبو الحسين بن طرَش، فكان يقرأ علينا بنفسه. وكان دائم العبادة. قرأ علينا حديث المَلَكَيْن، فبكى بُكاءً عظيمًا وأبكى الحاضرين.

وقال أُبَيُّ النَّرْسِيّ: كان ثقة يقرأ للناس، وكانت إحدى عينيه ذاهبة [٤] .

وقال أبو الفضل بْن خَيْرُون: مات فِي أول ذي الحجّة.

قال: وكان صَائِمَ الدّهر زاهدا، وهو آخر من حدّث عن الدّار الدّارقطنيّ، وابن دوست. ضابط متحرّ، أكثر سماعاته بخطّه. ما اجتمع فِي أَحدٍ ما اجتمع فِيهِ.

قَضى [٥] ستًا وخمسين سنة، وخطب ستًّا وسبعين سنة [٦] ، لم يُعْرف له زلّة.


[١] قوله ليس في (الأنساب) ولعلّه في (الذيل) .
[٢] زاد ابن الجوزي: «وأبي بكر بن دوست» (المنتظم) .
[٣] المنتظم ٨/ ٢٨٣ (١٦/ ١٥٣) .
[٤] المنتظم.
[٥] في الأصل: «قضا» .
[٦] قال ابن الجوزي: «خطب وله ست عشرة سنة، وشهد في سنة سبع وأربعمائة، وولي القضاء