للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا فرغ من دفنه ورجعوا اجتمع هؤلاء الرَّهْط، فَقَالَ عبد الرحمن بْن عَوْف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فَقَالَ الزُّبَيْر: قد جعلت أمري إلى عليّ وَقَالَ سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، وَقَالَ طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، قَالَ: فخلا هؤلاء الثلاثة فَقَالَ عبد الرحمن: أنا لَا أريدها فأيُّكما تبرّأ من هذا الأمر ونجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم في نفسه وليحرصنّ على صلاح الأُمَّة، قَالَ: فسكت الشيخان عليّ وعثمان، فَقَالَ عبد الرحمن: اجعلوه إليّ والله عليَّ لَا آلو عَنْ أفضلكم، قالا: نعم فخلا بعليّ وَقَالَ: لك من القِدَم في الإسلام والقرابة مَا قد علمت، الله عليك لئن أمَّرْتُك لتعدِلَنّ ولئن أَمَّرْتُ عليك لَتَسْمعَنَّ ولَتُطِيعَنَّ، قَالَ: ثُمَّ خلا بالآخر فَقَالَ له كذلك، فلمّا أخذ ميثاقهما بايع عثمان وبايعه عليّ [١] .

وَقَالَ المِسْوَر بْن مَخْرَمَة: لما أصبح عُمَر من الغد، - وهو مطعون- فزَّعُوه [٢] فقالوا: الصَّلاة، ففزع وَقَالَ: نعم ولا حظّ في الإسلام لمن ترك الصّلاة، فصلّى وجرحُهُ يثقب دمًا [٣] .

وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثنا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَاءَ كَعْبٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ حَتَّى يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. حَتَّى ذَكَرَ الْمَنَافِقِينَ فِيمَنْ ذَكَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أُبَلِّغُهُ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ تُبَلِّغَهُ، فَقُمْتُ وَتَخَطَّيْتُ النَّاسَ حَتَّى جَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقُلْتُ: إِنَّ كَعْبًا يَحْلِفُ باللَّه لَئِنْ دَعَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَيُبْقِيَنَّهُ اللَّهُ وَلَيَرْفَعَنَّهُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، قَالَ: ادْعُوا كَعْبًا فَدَعَوْهُ فَقَالَ: ما تقول؟ قال: أقول


[١] ابن سعد ٣/ ٣٣٩، تاريخ الخلفاء للسيوطي ١٣٥.
[٢] أي نبّهوه. وفي نسخة دار الكتب (قرّعوه) وهو تصحيف.
[٣] ابن سعد ٣/ ٣٥٠ و ٣٥١، مناقب عمر ٢٢٢.