للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجسم، ورعًا [١] ، زاهدًا، عالمًا، قوي اليقين باللَّه، كثير الصدقة [٢] والصبر، له عناية بالأدب، ومعرفة حسنة بالكتابة. ولم يكن يرضى [٣] أكثر ما يكتب من الديوان، وكان يصلح فِيهِ أشياء، وكان مؤثرًا للعدل والإحسان [٤] وقضاء الحوائج [٥] ، ولا يرى المنع من شيءٍ يطلب منه.

قال: وكان سبب موته ماشرى [٦] فافتصد ونام [٧] ، فانفجر فصاده وخرج منه دم كثير [٨] ، فاستيقظ وقد ضعف وسقطت قوته، فأيقن بالموت، وطلب [٩] ولي العهد ووصاه، ثُمَّ توفي رحمه اللَّه.

وحكى الْحَسَن بْن مُحَمَّد القيلوي فِي «تاريخه» قال: ولما رجع الخليفة إِلَى داره، يعني نوبة البساسيري، لم يتجرد من ثيابه للنّوم إِلَى أن مات، ولا نام على فراش غير مصلاه. وكان يصوم، فيما حكي عَنْه، أكثر الزمان، ويقوم الليل، وعفا عن كل من عرفه بفساد وأحسن إليه، ومنع من أذية من أذاه.

قال السلفي: حَدَّثَنِي عَبْد السلام بْن على القيسراني المعدل بمصر، قال:

حَدَّثَنِي شيوخ بغداد أن القائم لم يسترد شيئًا مما نهب من قصره إلا بالثمن، ويقول: هَذِهِ أشياء احتسبناها عند اللَّه. وأنه منذ خرج من مقر عزه ما وضع رأسه على مخدة. وحين نهبوا قصره لم يجدوا فِيهِ شيئًا من آلات الملاهي.

قال الخطيب فِي تاريخه: [١٠] ولم يزل أمره مستقيمًا إِلَى أن قبض عليه فِي سنة خمسين. وكان السبب فِي ذلك أن أرسلان التركي البساسيريّ كان قد عظم


[١] زاد بعدها: «ديّنا» .
[٢] «الصدقة» غير موجودة في المطبوع من الكامل.
[٣] في (الكامل) : «يرتضي» .
[٤] في (الكامل) : «للعدل والإنصاف» .
[٥] في (الكامل) : «يريد قضاء حوائج الناس» .
[٦] في (الكامل) : «كان قد أصابه شرى» . و «الماشرا» ورم حادّ ينتج عن دم صفراوي يعمّ الوجه، وربّما غطّى العين.
[٧] في (الكامل) : «ونام منفردا» .
[٨] زاد في (الكامل) : «ولم يشعر» .
[٩] في (الكامل) : «فأحضر» .
[١٠] تاريخ بغداد ٩/ ٣٩٩- ٤٠٣.