للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العمل، وأصلحوا الجسر، وعَبَرَ الجيش، فنزلوا بالزاهر، وكفوا عن المحاربة أيامًا. وخندّق الخليفة حول داره، وأصلح سُورَها. ثُمَّ حشد البساسيري أَهْل الكرْخ وغيرهم، ونهضَ بهم إِلَى حرب الخليفة، فتحاربوا يومين، وقُتل قتلى كثيرة.

وَفِي اليوم الثالث أتى البساسيري وجُموعه نحو دار الخليفة، وأحرقَ الأسواق بنهر مُعَلَّى، ووقع النَّهْب، وأحاطوا بدار الخلافة، وأُخذ منها ما لا يُحصى. ووجَّه الخليفة إِلَى قُرَيْش العُقَيْليّ البدوي، وكان قد جاء ناصرًا للبساسيري، فأذم للخليفة فِي نفسه، ولقيه فقبَّل بين يديه الأرض، وخرج الخليفة معه من الدار راكبًا وبين يديه رايةٌ سوداء، والأتراك بين يديه. ثُمَّ نزل بمخيمٍ ضُرِب له بأمر قريش. وقبض البساسيري على الوزير وعلى القاضي الدامغاني، وجماعة، وقيد الوزير والقاضي. فَلَمَّا كان يوم الجمعة من ذي الحجة، خطب لصاحب مصر فِي كل الجوامع إلا جامع الخليفة. ولما كان يوم عَرَفَة بُعِث الخليفة إِلَى عانة على الفُرات، وحُبِس هناك.

وشُهِّر الوزير فِي أواخر الشهر على جملٍ وطِيف به. ثُمَّ صُلب حيّا، وهو أبو القاسم ابن المسلمة. ثُمَّ جعلوا فِي فكَّيْه كلوبين من حديد، فمات ليومه.

وأُطْلِق قاضي القضاة.

وأما طُغْرُلْبَك فظفر بأخيه وقتله. وكاتب متولي عَانَة فِي رد الخليفة إِلَى داره مُكْرَمًا.

وذُكر لنا أن البساسيري عزم على ذلك لما بلغه أن طُغْرُلْبَك متوجه إِلَى العراق. وحصل الخليفة فِي مقر عزّه فِي الخامس والعشرين من ذي القعدة من سنة إحدى وخمسين.

ثُمَّ جهز طُغْرُلْبَك جيشًا، فحاربوا البساسيري بِسَقي الفُرات، وظفروا به فقُتل وحمل رأسُه إِلَى بغداد [١] .

وقال أبو الْحَسَن عَلِيِّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السّلام الكاتب: سمعت


[١] إلى هنا ينتهي نقل المؤلّف عن تاريخ بغداد باختصار.