[١] قال ابن عساكر: أنشد أبو عمرو محمد بن عبد الرحمن لنفسه: اتّخذ طاعة الإله سبيلا ... تجد الفوز بالجنان وتنجو واترك الإثم والفواحش طرّا ... يؤتك الله ما تروم وترجو (المختصر ٢٢/ ٣٤٦) . وقال السبكي: ذكره كل واحد من عبد الله بن محمد الجرجاني في «طبقات الشافعية» وأبي سعيد السمعاني في «الذيل» ، ومحمود الخوارزمي في «تاريخ خوارزم» . وقال ابن السمعاني: هو المعروف بالقاضي الرئيس. كان من أكابر أهل عصره فضلا وحشمة وقبولا عند الملوك، بعث رسول إلى دار الخلافة ببغداد من جهة الأمير طغرلبك، وله آثار وجدت بخراسان وخوارزم، وولي قضاءها مدة، وبني بها مدرسة. وقال الخوارزمي: فاق أهل عصره فضلا وإفضالا، وتقدّم على أبناء دهره رتبة وجلالة وحشمة ونعمة وقولا وإقبالا له الفضل الوافر في فنون العلوم الدينية وأنواعها الشرعية، وكان لغويّا، نحويا، مفسّرا، مدرّسا فقيها، مفتيا، مناظرا، شاعرا، محدّثا، إلى أن قال: وله الدّين المتين، الوازع عن ارتكاب ما يشين. إلى أن قال: وكان سلاطين السلجوقية يعتمدونه فيما يعنّ لهم من المهمّات: وذكر أن السلطان ملك شاه ابن ارسلان استحضره بإشارة نظام الملك من خوارزم إلى أصبهان وجهّزه إلى الخليفة ليخطب له ابنته، فلما مثل بين يدي الخليفة وضعوا له كرسيّا جلس عليه، والخليفة على السرير، فلما بلغ من إبلاغ الرسالة نزل عن السرير وقال: هذه الرسالة، وبقيت النصيحة. قال: قل. قال: لا تخلط بيتك الطاهر النبوي بالتركمانية. فقال الخليفة: سمعنا رسالتك وقبلنا نصيحتك، فرجع عن حضرة الخليفة، وقد بلغ الوزير نظام الملك الخبر قبل وصوله إليه، فلما دخل إلى أصبهان قال له: دعوتك من خوارزم لإصلاح أمر أفسدته، فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» ، وأنا لا أبيع الدين بالدنيا، ولم تنقص حشمته بذلك. ومن شعره قوله: من رام عند الإله منزلة ... فليطع الله حقّ طاعته وحقّ طاعاته القيام بها ... مبالغا فيه وسع طاقته ثم ذكر البيتين اللذين ذكرهما ابن عساكر. قال محمود الخوارزمي: ولم يكن له كل قضاء خوارزم إنما كان قاضيا بالجانب الشرقي منها. قال: وكان أبو القاسم محمود الزمخشريّ يحكى أنه كان لا يذكر أحدا إلّا بخير، وأنه ذكر له فقيه كثير المساوي، فقال: لا تقولوا ذلك، فإنه يتعمّم حسنا، يعني لم يجد وصفا جميلا إلّا حسن عمّته، فذكره به. توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ولم يذكره ابن النجار. (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٣/ ٧٤، ٧٥) .