للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلَّه حتّى أنه قال يومًا وهو يخطب في جامع الْجُنْد [١] : في مثل هذا اليوم نخطب على منبر عَدَن. ولم يكن أخذها بعد. فقال بعض من حضر: سُبُّوح قُدُّوس. يستهزئ به. فأمر بالحوطة عليه، وخطيب يومئذٍ على منبر عدن كما قال. واتّخذ صنعاءَ كرسيّ مملكته، وأخذ معه ملوك اليمن الذّين أزال مُلكهم، وأسكنهم معه، وبنى عدّة قصور، وطالت أيامه [٢] .

وقال صاحب «المرآة» : في سنة خمس وخمسين دخل الصُّلَيْحيّ إلى مكّة، واستعمل الجميل مع أهلها، وطابت قلوبُ النّاس، ورخصت الأسعار، ودعوا له.

وكان شابًا أشقر، أزرق، إذا جاز على جماعةٍ سلَّم عليهم. وكان ذكيًّا فطنًا لبيبًا، كسا البيت ثيابًا بيضاء، ودخل البيتَ ومعه الحُرّة زوجته [٣] التي خُطِب لها على منابر اليمن.

وقيل: إنّه أقام بمكّة شهرًا ورحل، وكان يركب فَرَسًا بألف دينار، وعلى رأسه العصائب. وإذا ركبت الحُرّة ركبت في مائتي جارية، مُزيّنات بالحُلِيّ والجواهر، وبين يديها الجنائب بسُرُوج الذَّهَب.

قال ابن خَلِّكان [٤] : وقد حجّ في سنة ثلاثٍ وسبعين، واستخلف مكانه ولده الملك المكرَّم أحمد. فلمّا نزل بظاهر المَهْجَم وثب عليه جيّاش بن نجاح وأخوه سعيد فقتلاه بأبيهما نجاح الّذي سمّه، فانذعر النّاس، وكان الأخوان قد خرجا في سبعين راجلًا بلا مركوب ولا سلاح بل مع كلّ واحدٍ جريدة في رأسها


[١] الجند: بالتحريك. قال أبو سنان اليماني: اليمن فيها ثلاثة وثلاثون منبرا قديمة وأربعون حديثة. وأعمال اليمن في الإسلام مقسومة على ثلاثة ولاة، فوال على الجند ومخاليفها، وهو أعظمها، ووال على صنعاء ومخالفيها، وهو أوسطها، ووال على حضرموت ومخاليفها، وهو أدناها، والجند مسماة بجند بن سهران بطن من المعافر قال عمارة: وبالجند مسجد بناه معاذ بن جبل، رضي الله عنه، وزاد فيه وحسن عمارته حسين بن سلامة وزير أبي الجيش بن زياد، وكان عبدا نوبيا، قال: ورأيت الناس يحجون إليه كما يحجون إلى البيت الحرام، ويقول أحدهم: أصبر لينقضي الحج، يراد به حجّ مسجد الجند. (معجم البلدان ٢/ ١٦٩) .
[٢] انظر وفيات الأعيان ٣/ ٤١٢، ٤١٣.
[٣] اسمها: أسماء ابنة شهاب. (وفيات الأعيان ٣/ ٤١٣) .
[٤] في وفيات الأعيان ٣/ ٤١٣.