للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقام معه وحمله إليه، فخرج الشّيخ أبو إسحاق إليه، واحترمه وعظّمه، وبالغ.

وكان الوزير نظام المُلَك يُثني على الشّيخ أبي إسحاق ويقول: كيف لنا مع رجلٍ لا يفرق بيني وبين بهروز الفرّاش في المخاطبة؟ لمّا التقيتُ به قال:

بارك الله فيك. وقال لبهروز لما صبّ عليه الماء: بارك الله فيك [١] .

وقال الفقيه أبو الحَسَن محمد بن عبد الملك الهَمَذانيّ: حكى أبي قال:

حضرتُ مع قاضي القضاة أبي الحَسَن الماوَرْديّ عزاء النّابتيّ [٢] قبل سنة أربعين، فتكلم الشّيخ أبو إسحاق وأجاد، فلمّا خرجنا قال الماوَرْديّ: ما رأيت كأبي إسحاق، لو رآه الشّافعيّ لتجمَّل به [٣] .

أنا ابن الخلال، أنا جعفر، أنا السّلَفيّ قال: سألت شُجاعًا الذُّهْليّ، عن أبي إسحاق فقال: إمام الشّافعيّة، والمقدَّم عليهم في وقته ببغداد. كان ثقة، ورِعًا، صالحًا، عالمًا بمعرفة الخلاف، عِلْمًا لا يُشاركه فيه أحد [٤] .

أنبئونا عن زَيْن الأُمَناء: أنا الصائن هبة الله بن الحَسَن، أنا محمد بن مرزوق الزَّعْفرانيّ: أنشدنا أبو الحَسَن عليّ بن فضّال القَيْروانيّ [٥] لنفسه في «التّنبيه» ، للإمام أبي إسحاق:

أكتابُ «التّنبيه» ذا، أم رياض ... أم لآلئ فَلَوْنُهُن البَياضُ

جمع الحسن والمسائل طرَّا ... دخلت تحت كله الأبعاض

كل لفظ يروق من تحت معنى ... جرية الماء تحته الرضراض

قل طولًا، وضاق عرضا مداه ... وهو من بعد ذا الطّوال العراض

يدع العالم المسمى إمامًا ... كفتاةٍ أتى عليها المخاض


[١] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٥٩.
[٢] النابتي: بفتح النون وكسر الباء الموحدة بعد الألف، وفي آخرها التاء ثالث الحروف. هذه النسبة إلى نابت. وهو اسم رجل فيما يظن ابن السمعاني (الأنساب ١٢/ ٧) .
[٣] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٥٩، طبقات السبكي ٣/ ٩٥، مرآة الجنان ٣/ ١١٦.
[٤] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٠، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ٤٦.
[٥] توفي سنة ٤٧٩ هـ. وستأتي ترجمته برقم (٢٩٤) .