للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج إليه من النِسْوة الصُّوفيات جماعة، وما منهن إلّا من بيدها سُبْحة، وألقوا الجميع إلى المحفة، وكان قصدهن أنْ يلمسها بيده، فتحصل لهنّ البَرَكَة، فجعل يُمِرَّها على بَدَنه وجسده، وتبرَّك بهنّ، ويقصد في حقّهنّ ما قَصَدْن في حقّه [١] .

وقال شيرُوَيْه الدَّيْلميّ في «تاريخ هَمَذان» : أبو إسحاق الشيرازيّ إمام عصره، قدِم علينا رسولًا من أمير المؤمنين إلى السّلطان ملك شاه. سمعتُ منه ببغداد، وهَمَذان، وكان ثقة، فقيهًا، زاهدا في الدّنيا. على الحقيق أوحد زمانه [٢] .

قال خطيب المَوْصل: حدَّثني والدي قال: توجَّهْت من الموصل سنة تسع وخمسين وأربعمائة إلى بغداد، قاصدًا للشّيخ أبي إسحاق، فلمّا حضرتُ عنده بباب المراتب، بالمسجد الذي يدرّس فيه رحّب بي، وقال: من أين أنت؟

قلت: من المَوْصل. قال مرحبًا: أنت بلدييّ.

فقلت: يا سيّدنا، أنت من فَيْروزاباد، وأنا من المَوْصل! فقال: أما جَمَعتنا سفينةُ نوحٍ عليه السلام؟ [٣] .

وشاهدتُ من حُسن أخلاقه ولطافته وزهده ما حبَّبَ إليَّ لزومه، فصحبتُه إلى أن تُوُفّي [٤] .

قلت: وقد ذكره ابن عساكر في «طبقات الأشعرية» [٥] .

ثمّ أورد ما صورته قال: وجدتُ بخطّ بعض الثقات: ما قول السّادة الفُقّهاء في قومٍ اجتمعوا على لعن الأشعريّة وتكفيرهم؟ وما الّذي يجب عليهم؟ أفْتُونا.

فأجاب جماعة، فمن ذلك: الأشعريّة أعيان السُّنّة انتصبوا للردّ على


[١] طبقات الشافعية للسبكي ٣/ ٩١.
[٢] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٠، وفيه: «على التحقيق» .
[٣] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦٠، ٤٦١، طبقات الشافعية للسبكي ٣/ ٩٣.
[٤] سير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٦١.
[٥] هو كتاب: «تبيين كذب المفتري» ص ٢٧٦- ٢٧٨.