للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشّرقيّ بالكلّية، اكترى والدي زورقًا، وركب فيه، وحمل أصحابه الصوفية وأهله. وكان الزورق يدور على الماء، والماء يخرّب الحِيطان، ويحمل الأخشاب إلى البحر، فقال أحمد بن زَهْراء لوالدي: لو اكتريت زورقًا ورجلًا يأخذ هذه الْجُذُوع ويربطها في موضع، حتّى إذا نقص الماء بنيت الرّباط، كان أخَفَّ عليك.

قال: يا شيخ أحمد هذا زمان التفرقة، ولا يمكن الجمع في زمن التفرقة.

فلمّا هبط الماء بنى الرّباط أحسن ممّا كان [١] .

تُوُفّي في ربيع الآخر [٢] ، وهو الذي تولّى رباط نهر المُعَلَّى.

وكان عالي الهمّة، كثير التّعصُّب لأصحابه، جدّد تربة معروف الكَرْخيّ بعد أن احتَرَقَت. وكان ذا منزلةٍ كبيرةٍ عند السّلطان، وحُرْمة عند الدّولة. وكان يقال:

الحمد للَّه الذي أخرج رأس أبي سعْد من مرقَّعةٍ، فلو خرج من قباء لَهَلَكْنا [٣] .

وابن زَهراء هذا هو أبو بكر الطُّرَيْثيثيّ.

٢٧٢- أحمد بن محمد بن مفرّج [٤] .

أبو العبّاس الأنصاري القُرْطُبيّ.

يُعرف بابن رُمَيْلَة. كان معنيا بالعِلم، وصحبة الشّيوخ. وله شعر حسن في الزُّهد، وفيه عبادة. واستُشهد بوقعة الزّلّاقة، مقبِلًا غير مُدبْر رحمه الله وكانت يوم الجمعة ثاني عشر رجب على مقرُبةٍ من بَطَلْيُوس. قُتِل فيها من الفرنج ثلاثون ألف فارس، ومن الرَّجَّالة ما لا يحصى، وهي من الملاحم المشهورة كما يأتي [٥] .


[١] المنتظم ٩/ ١١ (١٦/ ٢٣٥) وكان ابن دوست قبل بناء الرباط ينزل في رباط عتّاب، فخرج يوما فرأى الخبز النقي فقال في نفسه إن الصوفية لا يرون مثل هذا، فإن قدّر لي بناء رباط شرطت في سجلّه أن لا يقدّم بين يدي الصوفية خشكار، فهم الآن على ذلك.
[٢] في المنتظم: «وتوفي ليلة الجمعة ودفن من يومه تاسع ربيع الآخر من سنة ٤٧٧ هـ.» .
[٣] الكامل في التاريخ ١٠/ ١٥٩.
[٤] انظر عن (أحمد بن محمد بن مفرج) في: الصلة لابن بشكوال ١/ ٦٨ رقم ١٤٤ وفيه «فرج» بدل «مفرج» .
[٥] هكذا في الأصل. وهو وهم، فقد تقدّم خبر الزلّاقة في حوادث السنة ٤٧٩ هـ. من هذه الطبقة.