للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعلوه في المحراب تحت سجّادة الشّيخ، وخرجوا. وذهبَ الشّيخ إلى خلوته.

ودخلوا على السّلطان، واستغاثوا من الأنصاريّ أنّه مجسِّم، وأنّه يترك في محرابه صَنَمًا، ويقول إنّ الله على صورته. وإنْ بعث السلطانُ الآن يجد الصَّنَم في قِبْلة مسجده.

فعظُم ذلك على السّلطان، وبعث غلامًا ومعه جماعة، ودخلوا الدّار وقصدوا المحراب، وأخذوا الصَّنَم من تحت السّجّادة، ورجع الغلام بالصّنم، فوضعه بين يدي السّلطان، فبعث السّلطان من أحضر الأنصاريّ، فلمّا دخل رأى مشايخ البلد جلوسًا، ورأى ذلك الصَّنِم بين يدي السّلطان مطروحًا، والسّلطان قد اشتدّ غضبه. فقال له السّلطان: ما هذا؟

قال: هذا صنمٌ يُعْمل من الصُّفْر شِبْه اللُّعْبة.

قال: لست عن هذا أسألك.

فقال: فَعَمّ يسألني السّلطان؟

قال: إنّ هؤلاء يزعمون أنّك تعبد هذا، وأنّك تقول إنّ الله على صورته.

فقال الأنصاريّ: سبحانك، هذا بُهْتَانٌ عظيم. بصوتٍ جَهُوريّ وصَوْلَة، فوقع في قلب السّلطان أنَّهم كذبوا عليه. فأمرَ به، فأُخْرِج إلى داره مكرّما.

وقال لهم: أصدِقُوني. وهددهم، فقالوا: نحن في يد هذا الرّجل في بليّة من استيلائه علينا بالعامّة، فأردنا أنْ نقطع شرّه عنّا. فأمَرَ بهم، ووكّلّ بكلٍّ منهم، ولم يرجع إلى منزله حتّى كتب بخطّه بمبلغٍ عظيم يحمله إلى الخزانة.

وسَلِموا بأرواحهم بعد الهوان والجناية [١] .

وقال أبو الوقت السِّجْزيّ: دخلت نَيْسابور، وحضرتُ عند الأستاذ أبي المعالي الْجُوَينيّ فقال: مَن أنت؟

قلت: خادم الشّيخ أبي إسماعيل الأنصاريّ.

فقال: رضي الله عنه [٢] .


[١] الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٥٥، ٥٦.
[٢] انظر: تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٨٩، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٥١٣.