للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان إذا حضر المجلس لبس الثّياب الفاخرة وركب الدّوابّ الثّمينة، ويقول: إنّما أفعل هذا إعزازًا للدّين، ورغْمًا لأعدائه، حتّى ينظروا إلى عزّي وتحمُّلي، ويرغبوا في الإسلام، ثمّ إذا انصرف إلى بيته عاد إلى المُرَقَّعَة، والقُعُود مع الصُّوفيّة في الخانقاه، يأكل معهم، ولا يتميَّز في المطعوم ولا الملبوس.

وعنه أخذ أهل هَرَاة، التَّكْبير بالصُّبح، وتسمية أولادهم في الأغلب بالعبد المضاف إلى أسماءِ الله، كَعَبْد الهادي، وعبد الخلّاق، وعبد المُعِزّ [١] .

قال ابن السّمعانيّ: كان مُظْهِرًا للسُّنَّة، داعيا إليها، محرِّضًا عليها. وكان مكتفيا بما يباسط به المُريدين، ما كان يأخذ من الظَّلَمة والسلاطين شيئًا. وما كان يتعدَّى إطلاق ما ورد في الظّواهر من الكتاب والسُّنَّة، معتقدًا ما صحّ، غير مصرِّحٍ بما يقتضيه من تشبيه [٢] .

نُقِل عنه أنّه قال: [٣] من لم يَرَ مجلسي وتذكيري وطعَن فيَّ، فهو في حِلٍّ ومولده سنة ستّ وتسعين وثلاثمائة [٤] .

وقال أبو النَّضْر الفاميّ: تُوُفّي رحمه الله في ذي الحجّة.


[١] انظر: الذيل على طبقات الحنابلة ١/ ٦٥.
أما قول عبد الغافر في (المنتخب ١/ ٢٨٥) فهو: «شيخ الإسلام بهراة، صاحب القبول في عصره، والمشهور بالفضل وحسن الوعظ والتذكير في دهره، لم ير أحد من الأئمّة فيه حلما ما رآه عيانا من الحشمة الوافرة القاهرة، والرونق الدائم، والاستيلاء على الخاص والعامّ في تلك الناحية، واتّساق أمور المريدين والأتباع والغالين في حقّه، وانتظام المدارس والأصحاب والخانقاه» .
[٢] انظر تذكرة الحفاظ ٣/ ١١٩٠، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٥١٤.
[٣] المصدران السابقان.
[٤] وقال ابن الجوزي: ولد في ذي الحجّة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. وكان كثير السهر بالليل، وحدّث وصنّف، وكان شديدا على أهل البدع، قويّا في نصرة السّنّة.
وقال: كان لا يشدّ على الذهب شيئا، ويتركه كما يكون، ويذهب إلى قول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا توكي فيوكى عليك» ، وكان لا يصوم رجب، وينهى عن ذلك ويقول: ما صحّ في فضل رجب وفي صيامه شيء عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكان يملي في شعبان وفي رمضان، ولا يملي في رجب. (المنتظم) .