للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ظاهريّ المذهب، ويُسِرّ ذلك بعض الشيء [١] .

قال ابن طَرْخَان: سمعتُه يقول: كنت أحمَل للسّماع على الكتف سنة خمس وعشرين وأربعمائة، وأوّل ما سمعتُ من الفقيه أبي القاسم أَصْبَغ بن راشد. وكنتُ أفهم ما يُقرأ عليه. وكان ممّن تفقّه على أبي محمد بن أبي زيد.

وأَصْلُ أبي من قُرْطُبة، من محلَّةٍ يُقال لها الرّصافة، وسكن جزيرة ميورقة، وبها ولدت [٢] .

قال يحيى بن البنّاء: كان الحُمَيْديّ مِن حِرصه واجتهاده ينسخ باللّيل في الحَرّ، فكان يجلس في إجّانة [٣] ماءٍ يتبرّد به.

وقال الحسين بن محمد بن خسْرُو: جاء أبو بكر بن ميمون، فدّق على الحُمَيْديّ، وظنّ أنّه قد أُذِن له فدخل، فوجده مكشوف الفخذ، فبكى الحُمَيْديّ وقال: والله لقد نظرت إلى موضعٍ لم ينظره أحدٌ منذ عَقَلْت [٤] .

وقال ابن ماكولا: لم أرَ مثل صديقنا الحُمَيْديّ في نزاهته وعفّته وورعه وتشاغله بالعلم. صنَّف تاريخًا للأندلس [٥] .

وقال السِّلَفيّ: سألت أبا عامر محمد بن سعدون العبديّ، عن الحُمَيْديّ فقال: لا يُرى قطٌّ مثله، وعن مثله يسأل! جمع بين الفقه والحديث والأدب، ورأى علماء الأندلس. وكان حافظًا.

قلت: لقي حفّاظ العصر ابن عبد البَرّ، وابن حَزْم، والخطيب، والحبّال.

وقال يحيى بن إبراهيم السّلماسيّ: قال أبي: لم تَرَ عينايَ مثل الحُمَيْديّ في فضله ونُبْله وغزارة عِلْمه وحرْصه على نشر العلم.


[١] تذكرة الحفاظ ٤/ ١٢٢١.
[٢] سير أعلام النبلاء ١٩/ ١٢٢.
[٣] الإجّانة: بكسر الألف وتشديد الجيم. وعاء يغسل فيه الثياب.
[٤] تذكرة الحفاظ ٤/ ١٢١٩.
[٥] هو كتاب «جذوة المقتبس» ، وقد طبع أكثر من مرّة. والخبر في: الصلة ٢/ ٥٦٠. وقال أبو الفداء: «وله تاريخ كرّاسة واحدة أو كرّاستان، ختمه بخلافة المقتدي» . (المختصر في أخبار البشر ٢/ ٢٠٨) .