للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: كان تاجرًا سعيدًا فُتِح عليه في التجارة وتموّل، حتّى إنّه باع مرَّةً أرضًا بأربعين ألف دينار فتصدَّق بها، وحمل على خمسمائة فرس في سبيل الله، ثمّ على خمسمائة راحلة [١] .

وَفِي «الصَّحِيحِ» أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غاب مرَّةً فقدّموا عبد الرحمن يصلّي بالنّاس، فأتى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يصلّي بالنّاس، فأراد أن يتأخر، فأومأ إليه أن اثْبُتْ مكانك. فصلّى وصلّى رسول الله خلْفَه [٢] . وهذه منْقَبَةٌ عظيمة.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبيه قَالَ: رأيت الجنة، وأني دخلتُها حبْوًا، ورأيت أنّه لَا يدخلها إلَّا الفقراء.

وعن عبد الله بْن أبي أوْفَى قَالَ: شكا عبدُ الرحمن خالدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يا خالد لَا تُؤْذِ رجلًا من أهل بدْر، فلو أنفقْتَ مثل أُحُدٍ ذَهَبًا لم تُدْرِكْ عَمَلَه» [٣] .


[ () ] طبقاته ٣/ ١٣٢ بلفظ مختلف، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١/ ٩٨، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١/ ٣٥٢.
وجاء في شذرات الذهب ١/ ٣٨: «وما يذكر أنه يدخل الجنّة حبوا لغناه، فلا أصل له، ويا ليت شعري إذا كان هذا يدخلها حبوا ويتأخّر دخوله لأجل غناه فمن يدخلها سابقا مستقيما» .
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» ٧/ ١٦٤: «تفرّد به عمارة بن زاذان الصيدلاني، وهو ضعيف» .
وقال المؤلّف الذهبي في سير أعلام النبلاء ١/ ٧٧، ٧٨: «وبكلّ حال فلو تأخّر عبد الرحمن عن رفاقه للحساب، ودخل الجنة حبوا على سبيل الاستعارة، وضرب المثل، فإنّ منزلته في الجنة ليست بدون منزلة عليّ والزبير، رضي الله عن الكلّ» .
والأحلاس: جمع حلس. وهو الكساء الّذي يلي ظهر البعير تحت القتب.
[١] انظر «المعجم الكبير» للطبراني ١/ ١٢٩ رقم ٢٦٥، وطبقات ابن سعد ٣/ ١٣٢، والحلية ١/ ٩٩.
[٢] المطالب العالية لابن حجر، رقم ٤١٥ ونسبه إلى أبي يعلى.
[٣] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» ٩/ ٣٤٩ وله زيادة، ونسبه إلى الطبراني في المعجم الصغير، والكبير باختصار، والبزّار بنحوه، وقال: رجال الطبراني ثقات. وأخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» ١٢/ ١٥٠، والحاكم في «المستدرك» ٣/ ٢٩٨ وصحّحه، وتعقّبه الذهبي في