للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعرض عَلَيْهِ التّحوّل إلى العدْوَة بأهله وماله، فإن أبى فنازله. فلمّا عرض عَلَيْهِ سير ذَلِكَ لم يُجِبْ، فسَار وحاصره أشْهُرًا، ثمّ دخل عَلَيْهِ البلد قهرًا، وظفر بِهِ، وبعثه إلى العدْوَة مقيَّدًا، فحُبِس بأَغْمات إلى أن مات. وتسلّم سير الجزيرة كلَّها [١] .

وقال ابن دحية أو غيره: نزل يوسف عَلَى مدينة فاس في سنة أربع وستّين وأربعمائة وحاصرها. ثمّ أخذها، فأقرّ العامّة، ونفى البربر والْجُنْد عَنْهَا، بعد أنّ حبس رءوسهم، وقتل منهم، وكان مؤثرًا لأهل العلم والدّين، كثير المَشُورَة لهم [٢] .

وكان معتدل القامة، أسمر، نحيفًا، خفيف العارضيْن، دقيق الصوت، حازمًا، سائسًا. وكان يخطب لبني العبّاس. وهو أوّل من سُمّي بأمير المسلمين [٣] .

وكان يحبّ العفْو والصَّفْح، وفيه خيرٌ وعدل [٤] .

وقال أبو الحَجّاج يوسف البيّاسيّ في كتاب «تذكير الغافل» [٥] : إنّ يوسف بْن تاشَفِين جاز البحر مرة ثالثة، وقصد قُرْطُبَة، وهي لابن عَبّاد، فوصلها سنة ثلاث وثمانين، فخرج إِلَيْهِ المعتمد بالضيافة، وجري معه عَلَى عادته [٦] .

ثمّ إنّ ابن تاشَفِين أخذ غرناطة من عَبْد اللَّه بْن بلقين [٧] بْن باديس، وحبسه،


[١] وفيات الأعيان ٧/ ١٢٣.
[٢] وفيات الأعيان ٧/ ١٢٤، ١٢٥.
[٣] وفيات الأعيان ٧/ ١٢٥.
[٤] وفيات الأعيان ٧/ ١٢٥، وقال ابن الأثير: «فمن ذلك أنّ ثلاثة نفر اجتمعوا، فتمنّى أحدهم ألف دينار يتّجر بها، وتمنّى الآخر عملا يعمل فيه لأمير المسلمين، وتمنّى الآخر زوجته النّفزاويّة، وكانت من أحسن النساء، ولها الحكم في بلاده، فبلغه الخبر، فأحضرهم، وأعطى متمنّي المال ألف دينار، واستعمل الآخر، وقال للذي تمنّى زوجته: يا جاهل! ما حملك على هذا الّذي لا تصل إليه؟ ثم أرسله إليها، فتركته في خيمة ثلاثة أيام تحمل إليه كل يوم طعاما واحدا، ثم أحضرته، وقالت له: ما أكلت هذه الأيام؟ قال: طعاما واحدا، فقالت: كل النساء شيء واحد. وأمرت له بمال وكسوة وأطلقته» . (الكامل في التاريخ ١٠/ ٤١٧، ٤١٨) .
[٥] في وفيات الأعيان ٧/ ١٢٧ «تذكير العاقل» .
[٦] وفيات الأعيان ٧/ ١٢٧، ١٢٨.
[٧] في وفيات الأعيان: «بلكين» .