للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان في صباه يعمل في صنعة الجصّ والإسفيذاج، ويتنزّهُ عَنِ التّصوير [١] .

وورث مِن أَبِيهِ عقارا، فكان يبيع منه شيئا بعد شيء، ويتقوَّت بِهِ.

حجَّ في هذا العام، وتُوُفّي عشيّة عَرَفة بعَرَفَة مُحْرِمًا، فَحُمِل إلى مكّة، وطيف بِهِ، ودُفِن عند قبر الفُضَيْل بْن عياض.

وقيل: كان إذا حجّ يجيء إلى قبر الفُضَيْل، ويخطّ بعصاه، ويقول: يا ربّ هاهنا، يا ربّ هاهنا. فأتّفق أنّه مات ودُفن عنده، رحمهما الله [٢] .

وروى عَنْهُ السّلَفيّ، وقال: كَانَ مِن زُهّاد بغداد، ومن القوّالين بالحقّ، والنّاهين عَنِ المنكر [٣] .

٦٥- أحمد بْن المظفَّر بْن الحُسَيْن بْن عَبْد الله بْن سوسن [٤] .

أبو بكر البغداديّ، التّمّار.


[١] طبقات الحنابلة ٢/ ٢٥٥.
وقال ابن أبي يعلى: وحكي لي أنه لما دخل إلى دار بعض السلاطين مكرها، مع جملة من الصّنّاع، أنه أدخل إلى بيت في دار تعمّر. وكان في البيت صور من الإسفيداج مجسّمة، فقيل له: تعمل في هذا البيت؟ فقال: نعم. فلما خرجوا عنه وخلا بنفسه أخذ الفأس، وعمد إلى الأداة التي تكون للصنّاع للعمل، وكسر الصّور كلّها بها. فلما جاء العرفاء ورأوا ما فعل استعظموا ذلك منه، وقيل له: كيف أقدمت على فعل هذا في دار هذا السلطان، وقد أنفق على هذه مالا؟ فقال: هذا منكر، والله أمر بكسره، والآن قد فعلت ما تعيّن عليّ من الإنكار، أو كلاما هذا معناه. فانتهى أمره إلى السلطان، وقيل له: هذا رجل صالح، مشهور بالديانة، وهو من أصحاب ابن الفرّاء. فقال: يخرج ولا يتكلّم، ولا يقال له شيء يضيق به صدره، ولا يجاء به إلى عندنا. فلما أخرج ترك عمل الجصّ، ولازم المسجد يقرئ القرآن، ويؤمّ الناس.
[٢] طبقات الحنابلة ٢/ ٢٥٦، ٢٥٧، الذيل ١/ ١٠٥.
[٣] وقال ابن أبي يعلى: «وكان عفيفا لا يأخذ من أحد شيئا، ولا يطلب ولا يسأل أحدا حاجة لنفسه من أمر الدنيا، مقبلا على نفسه وشأنه، مشتغلا بعبادة ربّه، كثير الصوم والصلاة» (٢/ ٢٥٥) .
[٤] انظر عن (أحمد بن المظفّر) في: المنتظم ٩/ ١٦٤ رقم ٢٦٥ (١٧/ ١١٨ رقم ٣٦٨٧) ، والعبر ٤/ ٦، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٠٧، والمغني في الضعفاء ١/ ٦٠ رقم ٤٦٣، وميزان الاعتدال ١/ ١٥٧ رقم ٦٢٢، وسير أعلام النبلاء ١٩/ ٢٤١، ٢٤٢ رقم ١٤٩، وعيون التواريخ (مخطوط) ١٣/ ٢٥٥، ومرآة الجنان ٣/ ١٧٣، ولسان الميزان ١/ ٣١١، وشذرات الذهب ٤/ ٧.