قَالَ ولده: نشأ في عبادة وتحصيل، وحظي مِن الأدب وثمرته نظْمًا ونْثرًا بأعلى المراتب، وكان متصرّفًا في الفنون بما يشاء، وبرع في الفقه والخلاف، وزاد عَلَى أقرانه بعلم الحديث، ومعرفة الرجال، والأنساب، والتّواريخ، وطرّز فضله بمجالس تذكيره الَّذِي تصدع صُمَّ الصُّخور عَنْ تحذيره، ونفق سوق تقواه عَنِ الملوك والأكابر.
وسمع: والده، وأبا الخير محمد بْن أَبِي عِمران الصَّفّار، وأبا القاسم الزاهري، وعبد الله بْن أحمد الطّاهر، وأبا الفتح عُبَيْد الله الهاشميّ.
ورحل إلى نَيْسابور فسمع: أبا عليّ نصر الله بْن أحمد الخُشْنام، وعليّ بْن أحمد المؤذّن، وعبد الواحد بْن القُشَيْريّ.
ودخل بغداد سنة سبْعٍ وتسعين، فسمع بها: ثابت بْن بُنْدار، ومحمد بْن عَبْد السّلام الأنصاريّ، وأبا سَعْد بْن خُشَيْش، وأبا الحُسين بْن الطُّيُوريّ، وطبقتهم.
وبالكوفة: أبا البقاء المُعَمَّر الحبّال، وأبا الغنائم النَّرْسي.
وقرأ التّاريخ عَلَى أَبِي محمد الأَبَنُوسيّ، عَنِ الخطيب، ثمّ رحل إلى هَمَذَان في سنة ثمانٍ وتسعين، فسمع بها وبإصبهان مِن أَبِي بَكْر أحمد بْن محمد ابن مردويْه، وأبي الفتح أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحدّاد، وأبي سَعْد المطرّز.
ورجع إلى مَرْو.
قَالَ: ثمّ رحل بي وبأخي سنة تسع وخمسمائة إلى نيسابور، وأسمعنا من الشّيرويّ، وغيره.
وتوفّي في صَفَر، وله ثلاثٌ وأربعون سنة، وقد أملى مائةً وأربعين مجلسًا بجامع مَرْو، كلّ مِن رآها اعترف لَهُ أنّه لم يُسبَق إليها. وكان يروي في الوعظ والحديث بأسانيده. وقد طلب مرّة للّذين يقرءون في مجلسه، فجاءه لهم ألف دينار مِن الحاضرين.