للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عثمان لان لهم ووَصَلَهم، ثمّ إنّه توانى في أمرهم، واستعمل أقرباءه وأهل بيته في السّتَ الأواخر، وكتب لمروان بخُمْس مصر أو بخُمْس إفريقية، وآثر أقرباءه بالمال، وتأوّل في ذلك الصِّلة التي أمر الله بها. واتّخذ الأموال، واستسلف من بيت المال، وَقَالَ: إنّ أبا بكر وعمر تركا من ذلك مَا هو لهما، وإنّي أخذته فقسَّمته في أقربائي، فأنكر النّاس عليه ذلك [١] .

قلت: وممّا نقموا عليه أنّه عزل عُمَيْر بْن سعد عَنْ حمص، وكان صالحًا زاهدًا، وجمع الشام لمعاوية، ونزع عَمْرو بْن العاص عَنْ مصر، وأمَّر ابن أبي سَرْحٍ عليها، ونزع أبا موسى الأشعريّ عَنِ البصرة، وأمرّ عليها عبد الله بْن عامر، ونزع المُغِيرَة بْن شُعْبة عَنِ الكوفة وأمّر عليها سعيد بْن العاص.

وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ الفضل: ثنا عمرو بن مرة، عن سالم بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ نَاسًا مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ عَمَّارٌ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكُمْ وَأُحِبُّ أَنْ تَصْدُقُونِي: نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُؤْثِرُ قُرَيْشًا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ، وَيُؤْثِرُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتُوا، فَقَالَ: لَوْ أَنَّ بِيَدِي مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ لأَعْطَيْتُهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتّى يَدْخُلُوهَا.

وعن أبي وائل أنّ عبد الرحمن بْن عَوْف كان بينه وبين عثمان كلّام فأرسل إليه: لِمَ فَرَرْتَ يوم أُحُد وتخلَّفْت عَنْ بدْر وخالفت سنة عمر؟ فأرسل إليه: تخلفت عن بدر لأنّ بنتَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شغلتني بمرضها، وأمّا يوم أُحُد فقد عفا الله عنّي، وأمّا سنّة عمر فو الله مَا استطعتها أنا ولا أنت. وقد كان بين عليّ وعثمان شيءٌ فمشى بينهما العباس فقال عليّ: والله لو أمرني


[١] طبقات ابن سعد ٣/ ٦٤، أنساب الأشراف ق ٤ ج ١/ ٥١٢ رقم ١٣٢٨.