ولعلّ بعض فُقهاء السّوء أشار عليك بهذا، واحتجّ لك بأنّ عُمَر أخذ من المسلمين معونةً جهَّز بها جيشًا، فإن عمر لم يفعل حتّى توجَّه إلى القِبْلة، وحلف أنّه ليس في بيت المال دِرهم، وإنّ تجهيز ذلك الجيش مهّم، فيلْزمك أن تفعل كعمر.
فلمّا وقف على هذا الكتاب قَالَ: صدق، هم والله أشاروا عليَّ، وما بيت المال يحتاج. ثمّ ردّ ثُلث الأموال إلى أربابها.
ولم يكن بين يدَى ابن الفرّاء شرطيّ قطّ.
استشهد ابن الفرّاء في وقعة كُتُندَة، ويقال قُتُنْدَة، رحمه الله وقد أراد ابن تاشفين مرّة مصادرته، وأن يقيّده، فدفع الله عنه بصِدْقه ودِينه.
٨٤- المُعَمَّر بن محمد بن الحسين [١] .
أبو نصر الأنْماطيّ البيّع، بغداديّ صالح، مكثر كثير التّلاوة، مقريء، فاضل.
حدَّث «بتاريخ» الخطيب، عنه.
وسمع: أبا محمد الجوهريّ، وابن المسلمة، وأبا الحسين ابن الأبنوسيّ، وجماعة.
روى عنه: أبو المُعَمَّر الأنصاريّ، وأبو العبّاس بن هالة، وهبة الله بن عساكر، وآخرون آخرهم ذاكر بن كامل.
كان يؤدّب الصّبيان.
وزعم الحافظ ابن ناصر أنّه كان ضعيفًا، ألْحق سماعه في جزءين من «تاريخ الخطيب» ، فقلت له: لِمَ فعلت هذا؟.
قال: لأنّي سمعت الكتاب كلّه.
تُوُفّي في شعبان، عن تسعين سنة.
قلت: لَا يؤثّر قدْح ابن ناصر فيه، فإنّ الرجل كان فيه نباهة، وما يمنع من
[١] انظر عن (المعمّر بن محمد) في: ميزان الاعتدال ٤/ ١٥٨ رقم ٨٦٩٥، ولسان الميزان ٦/ ٧١ رقم ٢٧٠.