للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّا أفْتِكين فقتل ظاهرًا، وأمّا نزار فيقال إنّ المستعلي أخاه بنى عليه حائطًا.

ونزار المذكور هو الّذي تُنْسَب إليه الإسماعيليّة أرباب قلعة الأَلَمُوت.

وكان الأفضل داهية، شهْمًا، مَهِيبًا كأبيه، فَحْل الرأي، جيّد السّياسة.

أقام في الخلافة الآمر وُلِد المستعلي بعد موت المستعلي، ودبّر دولته، وحَجَر عليه، ومنعه من شهواته، فإنّه كثير اللّعِب، فحمله ذلك على قتْله، فأوثب عليه جماعة. وكان يسكن بمصر، فلمّا ركب من داره وثبوا عليه فقتلوه في سلْخ رمضان في هذه السّنة [١] .

وخلَّف من الأموال ما لم يُسمع بمثله.

قال ابن الأثير: [٢] كانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة، وكان الإسماعيلية يكرهونه لأسبابٍ، منها تضييقه على إمامهم، وترْكه ما يجب عندهم سلوكُه معهم، وترْكه معارضة أهل السُّنّة في اعتقادهم، والنَّهْي عن معارضتهم، وإذْنه للنّاس في إظهار معتقداتهم، والمناظرة عليها.

قال: وكان حَسَن السّيرة، عادلًا. يُحكى أنّه لمّا قُتِل وظهر الظّلْم بعده اجتمع جماعة، واستغاثوا إلى الخليفة. وكان من جملة قولهم: إنّهم لعنوا الأفضل. فسألهم عن سبب لعنته، فقالوا: إنّه عَدَل وأحسن السّيرة، ففارقْنا بلادنا وأوطاننا، وقصدْنا بلاده لعدله، فقد أصابنا هذا الظُّلم، فهو كان سبب ظُلْمنا.

فأمر الخليفة بالإحسان إليهم إلى النّاس.

وقيل إنّ الآمر بأحكام الله وضع عليه من قتله، وكان قد فسد ما بينهما.

وكان أبو عبد الله البطائحيّ هو الغالب على أمر الأفضل، فأسرّ إليه الآمر أن يعمل على تلافه، ووعده بمنصبه. فلمّا قُتِل وُلّي البطائحي وزارة الآمر، ولُقّب بالمأمون، وبقي إلى سنة تسع عشرة وصلب.


[١] أخبار الدول المنقطعة ٨٨ ووقع فيه: «فقتلوه سنة خمس وعشرين وخمسمائة» ، وهذا وهم، والصحيح ٥١٥ هـ-.
[٢] في الكامل ١٠/ ٥٩٠.