للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن الأثير [١] : تُوُفّي أتابك طُغْتِكِين، كذا سمّاه ابن الأثير في ثامن صَفَر، وهو من مماليك الملك تُتُش بن ألْب أرسلان. وكان عاقلًا خبيرًا، كثير الغزوات والجهاد للفرنج، حِسَن السّيرة في رعيته، مُؤْثِرًا للعدل. وملك بعده ابنه بوري أكبر أولاده بوصيةٍ منه، فاقر وزير أبيه أبا علي طاهر بن سعد المَزْدغانيّ على وزارته.

وقال سِبْط الجوزيّ [٢] : كان طُغْتِكِين شجاعًا، شَهْمًا، عادلًا، حزن عليه أهل دمشق، ولم يبق فيها محلَّة ولا سوق إلا والمأتم قائم عليه فيه، لأنه كان حَسَن السّيرة، ظاهر العدل، مدبّرًا للممالك. أقام حاكما على الشّام خمسة وثلاثين سنة. وسار ابنه سيرته ثمّ تغيّرت نيته، وأضمر السُّوء لأصحاب أبيه، والظُّلم للرعية، وتمكن وزيره المَزْدَغاني من أهل دمشق، وصادق الباطنية، واستعان بهم. وقبض بوري على خواصّ أبيه، فاسترابوا به، ونَفَرَت القلوب منه.

وقال أبو يَعْلَى بن القلانِسِيّ [٣] : مرض أتابك طُغْتِكِين مرضًا أنْهك قوّته، وأَنْحَل جسمه.

وتُوُفّي في ثامن صَفَر، فأبكى العيون، وأنكأ القلوب، وفتَّ في الأعضاد، وفتّت الأكباد، وازداد الأسف، فرحمه الله وبرّد مضْجعه. وماتت زوجته الخاتون شرف النّساء، أمّ بوري، بعده بثلاثة أشهر، ودُفنت بتُربتها الّتي خارج باب الفراديس.

قلت: ومات في هذه السّنة ودُفن بتُربته، قِبليّ المُصَلَّى ثامن صفر.


[١] في الكامل ١٠/ ٦٥٢.
[٢] في مرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ١٢٧.
[٣] في ذيل تاريخ دمشق ٣٤٧، ٣٤٨.