للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ما يحسُن هذا. تُثنى على رجلٍ فتقرّبه، ثمّ تضيق منه فتُخْرجه.

هذا لَا يليق. فعمل أبو عليّ:

إن خلي أبا الوفا ... في صفاي أبي الوفا

باع ودّي بردٍ من ... لُطْفه غاية الجفا

وقال أبو الفَرَج بن الجوزيّ [١] : كان أبو الوفاء على طريقة مشايخه في سماع الغناء والرَّقْص. وكان يقول لشيخنا عبد الوهّاب: إنّي لأدعو الله في وقت السَّماع. وكان شيخنا يتعجَّب ويقول: أَلَيْس يعتقد أنّ ذلك وقت إجابة، وهذا غاية القُبْح.

وحكى أبو الوفاء أنّ فقيرًا كان يموت وعياله يبكون، ففتح عينيه وقال: لِمَ تبكون، أَلِمَوْتي؟ قالوا: لَا، الموت لَا بدّ منه، ولكن نبكي على فضيحتنا، لأنّه ليس لك كَفَن.

فقال: إنّما نفتضح لو كان لي كفن.

قال ابن الجوزيّ [٢] : تُوُفّي أبو الوفاء في حادي عشر صفر. وصلّى عليه خلْق، منهم أرباب الدّولة وقاضي القُضاة. ودُفن على باب الرّباط. وعمل له الخادم نَظَر بعد يومين دعوة عظيمة، أنفق فيها مالًا على عادة الصُّوفيَّة، واجتمع فيها خلْق.

وكان أبو الوفاء ينشد أشعارًا رقيقة، أنشد مرَّة لأبي منصور الثّعالبيّ:

وخيط نمَّ في حافّات وجهٍ ... له في كلّ يومٍ ألفُ عاشقٍ

كأنّ الرّيحَ قد مرّت بمسْكٍ ... وذرَّت ما حَوَتْهُ من الشّقائقِ

١١٢- أحمد بن عليّ بن الحسن بن سَلْمُوَيْه.

أبو عبد الله النَّيسابوريّ الصُّوفيّ.

شيخ طريفٌ معمَّر. وُلِد قبل الأربعين.


[١] في المنتظم ١٠/ ٣٦.
[٢] في المنتظم ١٠/ ٣٧.