للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن الجوزيّ [١] : كان عاقلًا مَهِيبًا، عظيم الخلْقة. دخلت عليه فرأيت من هيبته ما أدهشني. وكان كريمًا. سأله رجلٌ خيمةً، فلم تكن عنده، فأرسل إليه مائة دينار، وقال: اشترِ بها خيمة. فكتب إليه الرجل، وهو أبو بكر الأَرَّجانيّ الشّاعر:

للَّه دَرّ ابن خالد رجلا ... أحيا لنا الجود بعد ما ذهبا

سألته خيمةً أَلُوذُ بها ... فجاءَ لي مِلْء خيمةٍ ذهبا [٢]

وكتب إليه الحريريّ صاحب «المقامات» :

ألا ليت شِعْري والتّمنّي تَعِلَّةٌ ... وإنْ كان ثمَّة [٣] راحة لأخي الكربِ

أَتدْرُون أنّي مُذْ نأت [٤] دياركم ... وشطّ اقترابي [٥] من جنابكم الرحبِ

أكابد شوقًا ما يزال أواره ... يقلبني في اللّيل [٦] جنْبًا على جنبِ

وأذكر أيام التّلاقي فأنثني ... لتذكارها بادي الأسى [٧] طائر اللّبِ

ولي جَنَّة [٨] في كلّ وقتٍ إليكم ... ولا جنّة [٨] الصّاديء إلى الباردِ العذبِ [٩]

وممّا شجا [١٠] قلبي المُعَنَّى وشَقَّه ... رِضاكم بإهمال الإجابة عن كُتُبي

وقد كنت لَا أخشى مع الذَّنْب جفوةً ... فقد صرت أخشاها وما لي من ذَنْبِ

ولما سَرَى الوفد العراقيّ نحوكم ... وأَعْوَزني المَسْرَى إليكم مع الرَّكْبِ

جعلت كتابي نائبي عن ضرورةٍ ... ومن لم يجد ماء تيمّم بالتّرب [١١]


[ () ] أبو زيد، فعمل والدي المقامة الحريرية بعد قيامه من ذلك المجلس، واشتهر هذا، فبلغ أنوشروان بن خالد، وطلع بتلك المقامة، فأشار عليه بأن يضمّ إليها غيرها، فأتمّها خمسين.
(المنتظم) .
[١] في المنتظم.
[٢] في المنتظم: «فجاد لي بل بخيمة ذهبا» .
[٣] في المنتظم: «فيه» .
[٤] المنتظم: «تناءت» .
[٥] المنتظم: «افتراقي» .
[٦] المنتظم: «بالليل» .
[٧] المنتظم: «الأسا» .
[٨] ضبطت في الأصل: «جنة» بضم الجيم.
[٩] في المنتظم بعده بيت:
فو الله لو أني كتمت هواكم ... لما كان مكتوما بشرق ولا غرب
[١٠] في الأصل: «شجى» .
[١١] زاد في المنتظم بيتا: