للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ [١] حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا أَسْلَمَ عُمَرُ قَالَ: أَيُّ قُرَيْشٍ أَنْقَلُ لِلْحَدِيثِ؟ قِيلَ: جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرَ الْجُمَحِيُّ، فَغَدَا عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَغَدَوْتُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ وَأَنَا غُلامٌ أَعْقِلُ، حتى جاءه فقال: أعلمت أنّي أسلمت؟ فو الله مَا رَاجَعَهُ حَتَّى قَامَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى قَامَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَلَا إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، قَالَ يَقُولُ عُمَرُ مِنْ خَلْفِهِ: كَذَبَ، وَلَكِنِّي أَسْلَمْتُ، وَثَارُوا إِلَيْهِ فَمَا بَرِحَ يُقَاتِلُهُمْ، وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى قَامَتِ الشَّمْسُ عَلَى رُءُوسِهِمْ، قَالَ وَطَلِحَ [٢] (فَقَعَدَ وَقَامُوا عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: افْعَلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، فَأَحْلِفُ باللَّه أَنْ لَوْ كُنَّا ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ لَقَدْ تَرَكْنَاهَا لَكُمْ) [٣] أَوْ تَرَكْتُمُوهَا لَنَا، فَبَيْنَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ عَلَيْهِ حُلَّةٌ حِبْرَةٌ، وَقَمِيصٌ مُوَشًّى [٤] ، حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: صَبَأَ عُمَرُ، قَالَ: فَمَهْ! رَجُلٌ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَمْرًا فَمَاذَا تُرِيدُونَ! أَتَرَوْنَ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَدِيٍّ يُسْلِمُونَهُ! خَلُّوا عَنْهُ، قَالَ: فو الله لَكَأَنَّمَا كَانُوا ثَوْبًا كُشِطَ [٥] عَنْهُ، فَقُلْتُ لِأَبِي بَعْدَ أَنْ هَاجَرَ: يَا أَبَهْ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي زَجَرَ الْقَوْمَ عَنْكَ؟ قَالَ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ.

وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بن حازم، عن ابن إسحاق [٦] .


[ () ] دلائل النبوّة ٢/ ٩، وابن الجوزي في مناقب عمر ١٥.
[١] سيرة ابن هشام ٢/ ٩٧، السير والمغازي ١٨٤، ١٨٥.
[٢] أي أعيا وتعب، على ما في (النهاية) ، وفي السير والمغازي «بلح» .
[٣] ما بين القوسين ساقط من الأصل فاستدركته من (ع) ونسخة دار الكتب وسيرة ابن هشام والسير والمغازي.
[٤] هكذا في الأصل، والسيرة، وفي السير والمغازي «قومسي» ولعلّه نسبة إلى قومس الكورة الكبيرة الواسعة المشتملة على مدن وقرى ومزارع في ذيل جبل طبرستان، كما ذكر ياقوت في معجمه.
والحبرة: ضرب من برود اليمن.
[٥] في السير والمغازي «كشف» .
[٦] سيرة ابن هشام ٢/ ٩٧، ٩٨، السير والمغازي ١٨٤، ١٨٥، نهاية الأرب ١٦/ ٢٥٦، ٢٥٧ عيون التواريخ ١/ ٧٧.