نمضي مع الإمام أبي القاسم إلى بعض المشاهد المعروفة، فكلّما استيقظنا من اللّيل رأيناه قائمًا يصلّي. وسمعت من يحكي عنه في اليوم الّذي قدِم بولده ميّتًا، وجلس للتّعزية، جدَّد الوضوء في ذلك اليوم قريبًا من ثلاثين مرَّة. كلّ ذلك يصلّي ركعتين.
وسمعت غير واحدٍ من أصحابه أنّه كان يُمْلي «شرح مسلم» عند قبر ولده أبي عبد الله، فلمّا كان ختم يوم الكتاب عمل مأدُبةً وحلاوة كثيرة، وحُمِلت إلى المقبرة. وكان أبو عبد الله محمد قد وُلِد نحو سنة خمسمائة، ونشأ فصار إمامًا في العلوم كلّها، حتّى ما كان يتقدمه كبيرُ أحدٍ في وقته في الفصاحة، والبيان، والذّكاء، والفهم. وكان أبوه يفضله على نفسه في اللُّغة، وجَريان اللّسان.
وقد شرح في «الصّحيحين» فأملى في شرح كلّ واحدٍ منهما صدرًا صالحًا. وله تصانيف كثيرة مع صِغَر سِنّه، ثمّ اخترمَتْه المَنِيَّة بهَمَذَان في سنة ستٍّ وعشرين.
وكان والده يروي عنه إجازةً، وكان شديد الفقد عليه.
سمعت أبا الفتح أحمد بن الحَسَن يقول: كنّا نمشي مع أبي القاسم يومًا، فوقف والتفت إلى الشَيخ أبي مسعود الحافظ وقال: أطال الله عُمرك، فإنّك تعيش طويلًا، ولا ترى مثلك. وهذا من كراماته.
قال أبو موسى: صنَّف أبو القاسم التّفسير في ثلاثين مجلَّدة كبارًا، وسماه «الجامع» . وله كتاب «الإيضاح في التّفسير» أربع مجلّدات، وكتاب «الموضح في التّفسير» ثلاث مجلَّدات، وكتاب «المعتمد في التّفسير» عشر مجلَّدات، وكتاب «التّفسير» بالأصبهانيّ عدَّة مجلَّدات، وكتاب «السُّنَّة» مجلَّدة، وكتاب «التّرغيب والتّرهيب» ، وكتاب «سير السّلف» مجلّدة ضخمة، و «شرح صحيح مسلم» ، كان قد صنّفه ابنه فأتمّهما، وكتاب «دلائل النُّبُوَّة» مجلَّدة، وكتاب «المغازي» مجلَّدة، وكتاب صغير في السُّنَّة، وكتاب في الحكايات، مجلّدة ضخمة، وكتاب «الخلفاء» في جزء، وتفسير كتاب «الشّهاب» باللّسان الأصبهانيّ، وكتاب «التّذكرة» نحو ثلاثين جزءًا. وقد تقدَّمت أماليه.
قال الحافظ ابن ناصر: حدَّثني أبو جعفر محمد بن الحسين بن محمد ابن أخي الحافظ إسماعيل قال: حدَّثني أحمد الأسواريّ الذّي تولّى غسل عمّي،