للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٣٤- عليّ بن يوسف بن تاشفين [١] .

أمير المسلمين، صاحب المغرب.

توفّي والده في سنة خمسمائة، فقام بالمُلْك مكانه، وتلقَّب بلقب أبيه أمير المؤمنين، وجرى على سُنته في الجهاد، وإخافة العدوّ.

وكان حَسَن السّيرة، جيّد الطَّويَّة، عادلًا، نزِهًا، حتّى كان إلى أن يُعَدّ من الزّهّاد المتبتّلين أقرب، وأدخل من أن يُعَدّ من الملوك. واشتدّ إيثاره لأهل العِلم والدّين. وكان لَا يقطع أمرًا في جميع مملكته دون مشاورتهم.

وكان إذا ولّى أحدًا من قُضاته، كان فيما يعهد إليه أن لَا يقطع أمرًا دون أن يكون بمحضر أربعةٍ من أعيان الفُقهاء، يشاورهم في ذلك الأمر، وإنْ صَغُرَ.

فبلغ الفُقهاء في أيّامه مبلغًا عظيمًا، ونفقت في زمانه كُتُب الفقه في مذهب مالك، وعُمل بمقتضاها، وأنبذ وراءه ما سواها. وكثُر ذلك حتّى نسي العلماء النَّظَر في الكتاب والسُّنَن، ودان أهل زمانه بتكفير كلّ من ظهر منه الخَوْض في شيء من علوم الكلام. وقرَّر الفقهاء عنده تقبيح الكلام وكراهية الصَّدْر الأوّل له، وأنّه بِدْعة، حتّى استحكم ذلك في نفسه، وكان يكتب عنه كلّ الأوقات إلى البلاد بالوعيد على مَن وُجِد عنده شيءٌ من كُتُب الكلام.

ولمّا دخَلَت كُتُب أبي حامد الغزّاليّ- رحمه الله- إلى المغرب، أمَرَ أمير المسلمين عليّ بن يوسف بإحراقها، وتوعَّد بالقتل من وجِد عنده شيءٌ منها.

واشتد الأمر في ذلك إلى الغاية.


[١] انظر عن (علي بن يوسف) في: الكامل في التاريخ ١٠/ ٤١٧، والمعجب ٢٥٢- ٢٦١، ووفيات الأعيان ٥/ ٤٩ (في ترجمة ابن تومرت) و ٧/ ١٢٣، ١٢٥، ١٢٦، والحلّة السيراء ٢/ ٩٠، ١٠٠، ١٩٣، ١٩٧، ٢٠٥، ٢١٢، ٢١٦، ٢٤٩، ٢٧٦، ٢٧٧، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢٠، وسير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٢٤، ١٢٥ رقم ٧٥، ودول الإسلام ٢/ ٥٦، والعبر ٤/ ١٠٢، وعيون التواريخ ١٢/ ٣٧٦، ومرآة الجنان ٣/ ٢٦٨، والإحاطة ٤/ ٥٨، ٥٩ وشرح رقم الحلل ١٢٠، ١٨١، ١٨٢، ١٨٦، ١٨٧، ١٨٩، ١٩٧، والحلل الموشية ٦١- ٩٠، وتاريخ ابن خلدون ٦/ ١٨٨، ١٨٩، والنجوم الزاهرة ٥/ ٢٧٢، وجذوة الاقتباس ٢٩١، ونفح الطيب ٤/ ٣٧٧، وشذرات الذهب ٤/ ١١٥، والاستقصاء في أخبار المغرب الأقصى ٢/ ٦١- ٦٩، ومعجم الأنساب والأسرات الحاكمة ١١٣، وأخبار الدول ٢/ ٤١٠.