للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَلَقِيَهُ ابْنُ جُرْمُوزٍ فَقَتَلَهُ [١] .

وَقَالَ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: انصرف الزُّبَيْر يوم الجمل عن عليّ، وهم في المصافّ، فَقَالَ له ابنه عبد الله: جُبْنًا جُبْنًا، فَقَالَ: قد علم النّاس أنّي لست بجبانٍ، ولكن ذكَّرني عليّ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحلفت أن لَا أقاتله، ثمّ قَالَ:

تَرْكُ الأمورِ التي أخشي عواقِبَها ... في الله أحْسَنُ في الدُّنيا وفي الدِّين [٢]

[وَكِيعٌ، عَنْ عِصَامِ بْنِ قُدَامَةَ- وَهُوَ ثِقَةٌ- عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَيَّتُكُنَّ صَاحِبَةُ الجمل الأديب، يُقْتَلُ حَوَالَيْهَا قَتْلَى كَثِيرُونَ، وَتَنْجُو بَعْدَ مَا كَادَتْ» [٣]] . وقيل: إنّ أوّل قتيلٍ كان يومئذٍ مسلم الجُهَنيّ، أمره عليّ فحمل مُصْحفًا، فطاف به على القوم يدعوهم إلى كتاب الله، فقُتِلَ. وَقُطِعَتْ يومئذ سبعون يدًا من بني ضبّة [٤] بالسيوف، صار كلَّما أخذ رجل بخطام الجمل الَّذِي لعائشة، قطِعَتْ يدُه، فيقوم آخرُ مكانه وَيَرْتَجِزُ، إلى أن صرخ صارخ اعقُروا الجمل، فعقره رجلٌ مُخْتَلَفٌ في اسمه، وبقي الجمل والهودج الَّذِي عليه، كأنّه قُنْفُذٌ من النَّبْلِ، وكان الهودج مُلَبَّسًا بالدُّروع، وداخله أمّ المؤمنين، وهي تشجّع الذين حول الجمل: (مَا شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) [٥] .

ثمّ إنّها ندِمَتْ، وَنَدِمَ عليّ لأجل ما وقع.


[١] رجاله ثقات. أخرجه ابن سعد في الطبقات ٣/ ١١٠ بنحوه، وابن حجر في الإصابة ١/ ٥٤٦، وانظر: أنساب الأشراف (ترجمة الإمام علي) ٢٥١ التذكرة الحمدونية ٢/ ٤٧٥.
[٢] حلية الأولياء ١/ ٩١.
[٣] ما بين الحاصرتين زيادة من (ع) فقط.
[٤] وردت مصحّفة، والتصحيح من تاريخ خليفة ١٨٦ وشذرات الذهب ١/ ٤٢، وتاريخ الطبري ٤/ ٥٣٩.
[٥] انظر مروج الذهب ٢/ ٣٧٥، ٣٧٦.