للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو الفتوح الإسْفَرَائينيّ، المعروف بابن المعتمد.

إمامٌ في الوعظ، مليح المحاورة، فصيح العبارة، طريف الْجُملة والتّفصيل.

سمع: أبا الحَسَن المَدِينيّ بنَّيْسابور، وشيروَيه الدَّيْلَميّ بهَمَذَان.

روى عنه: ابن السَّمْعانيّ، وقال: حضرت يومًا مجلسه في رباط أمّ الخليفة، وسألته عَنْ مولده فقال: في سنة أربع وسبعين وأربعمائة بأسفرايين.

وأُزْعج من بغداد، فخرج منها متوجّهًا إلى خُراسان، فأدركه الموت بِبِسْطام في ثاني ذي الحجّة [١] ، ودفن بجنب أبي يزيد البسْطاميّ، رحمه الله.

وهو مذكورٌ في حوادث هذه السنة.

قال ابن النّجّار: كان من أفراد الدَّهر في الوعظ، فصيح العبارة، دقيق الإشارة، حُلْو الإيراد. وكان أوحد وقته في مذهب الأشعريّ، وله في التّصوُّف قَدَمٌ راسخ، وكلام دقيق فائق.

صنّف في الحقيقة كُتُبًا منها: كتاب «كشف الأسرار على لسان الأخيار» ، وكتاب «بيان القلب» ، وكتاب [ «بثّ [٢]] الأسرار» . وكلّ كتبه نكت وإشارات. وهي مختصرة الحجم.


[ () ] ومرآة الزمان ج ٨ ق ١/ ١١١، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٢١، وسير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٣٩- ١٤٢ رقم ٨٤، والعبر ٤/ ١٠٥، وعيون التواريخ ١٢/ ٣٧٧، ٣٧٨، ومرآة الجنان ٣/ ٢٦٩، والوافي بالوفيات ٤/ ٣٢٣، ٣٢٤، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٦/ ١٧٠- ١٧٣، وطبقات الشافعية للإسنويّ ١/ ١٠٧، ١٠٨، وكشف الظنون ٢٢٠، ١٩٢٠، وشذرات الذهب ٤/ ١١٨، وهدية العارفين ٢/ ٨٨.
[١] قال ابن الأثير: أقام مدّة ببغداد يعظ، وسار إلى خراسان، فمات ببسطام، وكان إماما فاضلا صالحا، وكان بينه وبين علي الغزنويّ تحاسد، فلما مات حضر الغزنوي عزاءه ببغداد وبكى وأكثر، فقال بعض أصحاب أبي الفتوح للغزنوي كلاما أغلظ له فيه، فلما قدم الغزنوي لامه بعض تلامذته على حضور العزاء وكثرة البكاء وقال له: كنت مهاجرا لهذا الرجل، فلما مات حضرت عزاءه وأكثرت البكاء وأظهرت الحزن؟ قال: كنت أبكي على نفسي، كان يقال فلان وفلان، فمن يعدم النظير أيقن بالرحيل، وأنشد هذه الأبيات:
ذهب المبرّد وانقضت أيّامه ... وسينقضي بعد المبرّد ثعلب
بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباق نصفه فسيخرب
فتزوّدوا من ثعلب، فبمثل ما ... شرب المبرّد عن قليل يشرب
أوصيكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس ممّا يكتب
(الكامل في التاريخ ١١/ ٩٦، ٩٧) وانظر الأبيات في (المنتظم ١٠/ ١١١، ١١٢/ ١٨، ٣٧) .
[٢] في الأصل بياض. والمستدرك من (سير أعلام النبلاء ٢٠/ ١٤٠) وفيه: «بثّ السّرّ» .