أبنيّ لست بعالم ما أصنع ... بكم، أأجمع شملكم أم أصدع ما قطع الأرحام جاهلكم بما ... أبداه، بل كبدي بذلك يقطع أصبحت أعمى بل أصمّ بكلّ ما ... أمسيت انظر منكم أو أسمع وإذا يئست من الصلاح بفعلكم ... أمّلت أصلكم الزّكيّ فأطمع وأقول: جدّكم أجلّ القوم من ... سلجوق تاج الدولة المتورّع أضحى لأمر الله متّبعا وإن ... أضحى له كلّ الخلائق يتبع وأبوكم من ليس ينكر أنه ... النّدب الكميّ الألمعيّ الأروع زاد الجيوش برأيه وبسيفه ... عن شيزر فتفرّقوا وتصدّعوا قد ردّ عنها القرم والإفرنج و ... الأتراك والأعراب حين تجمّعوا أوصيكم بتقى الّذي أعطاكم ... ملكا تذلّ له الملوك وتخضع وبحفظ بعضكم لبعض ما غدا ... نجم يعود بأفقه أو يطلع لا تشمتوا بكم الوشاة وحاذروا ... أقوالهم فهي السّمام المنقع (تاريخ دمشق ١٦/ ٨٩، وفوات الوفيات ١/ ٢٦ (بتحقيق محمد عبد الحميد) ، وعيون التواريخ ١٢/ ٤٣٢، وتهذيب تاريخ دمشق ٦/ ١٨٧) . وقد صحبه الشاعر أحمد بن منير الطرابلسي وأقام عنده بشيزر مدّة، وذكر الأمير أبو الفضل إسماعيل بن سلطان فقال: عمل والدي طستا من فضّة، فعمل ابن منير أبياتا كتبت عليه، من جملتها: أيا صنو مائدة لأكرم مطعم ... مأهولة الأرجاء بالأضياف جمعت أياديه إلى أيادي الألّاف ... بعد البذل للألّاف ومن العجائب راحتي من راحة ... معروفة المعروف بالإتلاف وأنشده مجد العرب العامري في شيزر سنة ٥٢٤ هـ: لمعت وأسرار الدجى لم تنشر ... نار كحاشية الرداء الأحمر فعلمت أن وراءها من عامر ... غيران يفرح بالنزيل المقتر يا أخت موقدها، وما من موقد ... فوق الثنيّة والكثيب الأعفر لسواي عندي من سوامكم قرى ... وقراي قبلة ناظر أو محجر فارعي- رعاك الله- مسعفة به ... ضيفا، متى يرع يوما يشكر وافى يؤمّك راكبا جنح الدّجى ... متقلّدا ضوء الصباح المسفر وهي طويلة. (خريدة القصر ٢/ ١٥٦- ١٦٠) . وقال الصفدي: كان شجاعا ذا سياسة ورياسة وحزم، فاضلا، شاعرا، روى الحديث، وولي شيزر، وهو شاب، فكان في حكم الكهول وشجاعة الشّبان. حكى ابن أخيه أسامة أن أبا عساكر قال لجماعة هو منهم: تعلمون لم صارت آمال الشيوخ أقوى من آمال الشباب؟ قلنا: لا. قال: لأن الشيوخ أمّلوا أشياء وطالت أعمارهم فصار لهم إدراك ما أمّلوا عادة، فلذلك قويت آمالهم. ومن شعره ما كتب به إلى أخيه أبي سلامة مرشد في معنى مغيض الدمع إلى الأحشاء: لي مقلة إنسانها غرق ... وحشا بنار الشوق تأتلق