للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو الحَجّاج الفِنْدَلاويّ [١] ، المغربيّ الفقيه المالكيّ، الشّهيد، إن شاء اللَّه.

قدِم الشّام حاجّا، فسكن بانياس مدَّةً، وكان خطيبا بها، ثمّ انتقل إلى دمشق، ودرَّس بها الفقه، وحدَّث «بالموطّأ» .

أنبأنا المسلم بن محمد بن عَن القاسم بْن عساكر: أَنَا أَبِي أَنَا أبو الحَجّاج الفِنْدَلاويّ: أنبا محمد بْن عبد الله بْن الطّيّب الكلْبيّ، أنبا أَبِي، أنبا عبد الرحمن الخِرَقيّ، أَنَا عَلِيّ بْن محمد الفقيه، فذكر حديثا.

قَالَ الحافظ ابن عساكر [٢] : كَانَ الفِنْدَلاويّ حَسَن الفاكهة، حُلْو المحاضرة، شديد التّعصُّب لمذهب أهل السُّنَّة، يعين الأشاعرة، كريم النّفس، مطّرحا التّكلُّف، قويّ القلب. سَمِعْتُ أبا تُراب بْن قيس [٣] يذكر أنّه كَانَ يعتقد اعتقاد الحَشَويَّة، ويبغض الفِنْدَلاويّ لردّه عليهم، وأنّه خرج إلى الحجّ، وأسر في الطّريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدَّة يُلْقى إِلَيْهِ ما يأكل، وأنّه أحسّ ليلة بحسّ، فقال: من أنت؟ فقال: ناولْني يدك. فناوله يده، فأخرجه من الْجُبّ، فلمّا طلع إذا هُوَ الفِنْدَلاويّ، فقال: تُبْ ممّا كنت عَلَيْهِ.

فتاب عَلَيْهِ.

قَالَ ابن عساكر: وكان ليلة الختْم في رمضان يخطب رَجُل في حلقة الفِنْدَلاويّ بالجامع ويدعو، وعنده أبو الحسن بْن المسلم الفقيه، فرماهم خارجٌ من الحلقة بحجر، فلم يُعرف. وقال الفِنْدلاويّ: اللَّهمّ اقطَعْ يدَه. فما مضى إلّا يسير حتّى أُخذ قُصَيْر [٤] الرّكابيّ من حلقة الحنابلة ووُجِد في صندوقه مفاتيح كثيرة تفتح الأبواب للسّرقة، فأمر شمس الملوك بقطْع يديه، ومات من قطعهما.


[١] الفندلاوي: بكسر الفاء وتسكين النون وفتح الدال المهملة. نسبة إلى فندلاو. (اللباب) . قال ياقوت: أظنه موضعا بالمغرب. (معجم البلدان) . وقد تحرّفت النسبة إلى «الفندلاوي» بالقاف، في شذرات الذهب.
[٢] في تاريخ دمشق، المختصر.
[٣] هو أبو تراب بن قيس بن حسن البعلبكي كما في تاريخ دمشق.
[٤] في تاريخ دمشق: «خضير» .