للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنْ هَلُمَّ إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه: إنّ الأرض لَا تُقدِّس أحَدًا، وإنّما يقدّس الإنسان عملُه، وقد بلغني أنّك جُعِلتْ طبيبًا، فإن كنت تبرئ فنِعِمًّا لك، وإنْ كنت متطبّبًا فاحْذَرْ أن تقتل إنسانًا فتدخل النّار، فكان أَبُو الدَّرْداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما وَقَالَ: متطبِّبٌ واللهِ، ارجِعا إليّ أَعِيدا عليَّ قصَّتَكما [١] .

وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: ذَهَبْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي إِلَى سَلْمَانَ فَقَالَ: لَوْلا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنِ التَّكَلُّفِ لَتَكَلَّفْتُ لَكُمْ، ثُمَّ جَاءَنَا بِخُبْزٍ وَمِلْحٍ، فَقَالَ صَاحِبِي: لَوْ كَانَ فِي مِلْحِنَا صَعْتَرٌ، فَبَعَثَ سَلْمَانُ بِمِطْهَرَتِهِ فَرَهَنَهَا، وَجَاءَ بصعتر، فلمّا أَكَلْنَا قَالَ صَاحِبِي: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي قَنَّعَنَا بِمَا رَزَقَنَا، فَقَالَ سَلْمَانُ: لَوْ قَنِعْتَ لَمْ تَكُنْ مِطْهَرَتِي مَرْهُونَةً [٢] .

حبيب بن الشّهيد، عن ابن بُرَيْدَةَ قَالَ: كان سَلمان يصنع الطّعام للمجذومين، ثمّ يجلس فيأكل معهم [٣] .

وَقَالَ أَبُو عثمان النَّهْدِيّ: كان سَلْمان لَا يفقه كلامه من شدّة عُجْمَته، وكان يسمّي الخشبَ خُشبان [٤] .


[١] أخرجه مالك في الموطّأ، في الوصيّة- ص ٤٨٠ باب جامع القضاء، رقم (٨) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء ١/ ٢٠٥، وابن عساكر (تهذيب تاريخ دمشق) ٦/ ٢٠٩، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١/ ٥٤٨.
[٢] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (٦٠٨٥) ، وابن عساكر (تهذيب تاريخ دمشق) ٦/ ٢١١، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٨/ ١٧٩ وقال: رجاله رجال الصحيح، غير محمد بن منصور الطوسي، وهو ثقة.
[٣] انظر الحاشية رقم (٤) من الصفحة السابقة.
[٤] ذكر أخبار أصبهان ١/ ٥٥، تهذيب تاريخ دمشق ٦/ ٢١١.
وقال المؤلّف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء ١/ ٥٥٢: «وأنكره أبو محمد بن قتيبة- أعني عجمته- ولم يصنع شيئا، فقال: له كلام يضارع كلام فصحاء العرب.