للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رحمه [١] . ولكن فرّوا من شرار نار اقتدح من زناد الغضب.

ثمّ قَالَ: ما لكم لا تعجبون، ما لكن لا تطربون؟

فقال قائل: وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ٢٧: ٨٨ [٢] .

فقال: التّمالك عَن المرح عند تملُّك الفَرَح قدْح في القرح [٣] .

قَالَ ابن الجوزيّ [٤] : وكان مثل هذا الكلام المستحسن يندر [٥] في كلامه، وإنّما كَانَ الغالب عَلَى كلامه ما لَيْسَ تحت كبير مَعْنَى. وكُتِب ما قاله في مدَّة جلوسه، فكان مجلّدات كثيرة. ترى المجلّد من أوّله إلى آخره، لَيْسَ فيه خمس كلمات كما ينبغي، وسائرها لا معنى لَهُ. وكان يترسّل بين السّلطان والخليفة، فتقدَّم إِلَيْهِ أن يصلح بين ملك شاه بْن محمود وبين بدر الجوهريّ، فمضى وأصلح بينهما، وحصل لَهُ منهما مال كثير، فأدركه أجَلُه في تِلْكَ البلدة، فمات في سلْخ ربيع الآخر بعسكر مُكْرَم. وحُمِل إلى بغداد ودُفن في دكَّة الْجُنَيْد. ورثة ولدُه، ثمّ تُوُفّي، وعادت الأموال الّتي جمعها للسّلطان. وفي ذَلكَ عبرة.

وقال ابن السّمعانيّ: لم يكن لَهُ سيرة مَرْضِيَّة، ولا طريقة جميلة. سَمِعْتُ من أثق بِهِ، وهو الفقيه حمزة بْن مكّيّ الحافظ ببروجرد قال: كنت معه بأذربيجان، وبقيناه مدَّةً، فما رأيته صلّى العشاء الآخرة. كَانَ إذا احضر السّماع، وأرادوا أن يُصلّوا يَقُولُ: الصّلاة بعد السّماع. فإذا فرغوا السّماع كَانَ ينام.

ولمّا تُوُفّي حكى لي بعضُهم أنّه وجد في كُتُبه رسالة بخطّه في إباحة الخمر.

وقال ابن النّجّار: من وعْظه قولُه: لا تظنّوا أنّ الحيّات تجيء إلى القبور من خارج. إنّما أفعالكم أبقى لكم، وحيّاتكم ما أكلتم من الحرام أيّامَ حياتكم.

وعاش ستّا وخمسين سنة.


[١] في المنتظم: «نعمة» .
[٢] سورة النمل، الآية ٨٨.
[٣] هكذا. وفي المنتظم: «قدح في القدس» .
[٤] في المنتظم.
[٥] في المنتظم: «يبدر» .