للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدّثني يَعْلَى بْن عُبَيْد: ثنا أبي قَالَ: قال أَبُو مُسْلِم الخَوْلاني وجماعة لمعاوية: أنت تُنازع عليًّا! هَلْ أنت مثله؟ فقال: لَا والله إنّي لأعلم أنّ عليًّا أفضل منّي وأحقّ بالأمر، ولكن ألَسْتُمْ تعلمون أنّ عُثْمَان قُتِلَ مظلومًا، وأنا ابن عمّه، وإنّما أطلب بدمه، فأتُوا عليًّا فقولوا له: فلْيَدْفَعْ إليّ قَتَلَة عُثْمَان وأسلم له، فأتّوْا عليًّا فكلَّموه بِذَلِك، فلم يدفعهم إليه.

وَحَدَّثَنِي خَلادُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ- أَوْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ شَكَّ خَلادٌ- قَالَ: لَمَّا ظَهَرَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ دَعَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى دِمَشْقَ، فَيَعْتَقِلَ رَاحِلَتَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، وَيَدْخُلَ بِهَيْئَةِ السَّفَرِ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ، وَكَانَ قَدْ وَصَّاهُ بِمَا يَقُولُ [١] ، فَسَأَلُوهُ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ: قَالُوا: ما وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ عَلِيًّا قَدْ حَشَدَ إِلَيْكُمْ وَنَهَدَ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ. فبلغ مُعَاوِيَة، فأرسل أَبَا الأعور السُّلَمِيّ يحقّق أمره، فأتاه فسأله، فَأَخْبَرَه بالأمر الَّذِي شاع، فنودي: الصّلاة جامعة، وامتلأ النّاس فِي المسجد، فصعد معاوية المِنْبَر وتشهّدّ ثمّ قَالَ: إنّ عليًّا قد نَهَدَ إليكم فِي أَهْل العراق، فَمَا الرّأي؟ فضرب النّاس بأذقانهم على صدورهم، ولم يرفعْ إليه أحدٌ طَرْفَه، فقام ذو الكلاع الحِمْيرِيّ فقال: عليك الرأيّ وعلينا أمّ فعال- يعني الفِعال [٢]- فنزل مُعَاوِيَة وَنُودِيَ فِي النّاس: اخرجوا إِلَى مُعَسْكَركم، ومن تخلَّف بعد ثلاثٍ أحلّ بنفسه [٣] .

فخرج رسول عليّ حتّى وافاه، فَأَخْبَرَه بِذَلِك، فأمر عليٌّ فنوديّ:

الصّلاة جامعة، فاجتمع النّاس، وصعِدَ المِنْبَر فحمِدَ الله وأثنى عليه، ثمّ


[١] (بما يقول) سقطت من نسخة الدار، فاستدركتها من ابن الملا.
[٢] وهي لغة حمير فإنّهم يجعلون لام التعريف ميما.
[٣] تهذيب تاريخ دمشق ٥/ ٢٧٢.