للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أهل السُّنَّة، لا مَغْمَزَ فيه. وهو الَّذِي تولّى تسميعي الحديث. فسمعت بقراءته «المُسْنَد» للإمام أحمد، وغيره من الكُتُب الكبار والأجزاء.

وكان يُثَبّت لي ما أسمع، وعنه أخذت عِلْم الحديث. وكان كثير الذِّكر، سريع البكاء.

ذكره ابن السّمعانيّ في «المُذَيَّل» فقال: كَانَ يحبّ أن يقع في النّاس [١] .

قَالَ ابن الْجَوْزيّ [٢] : وهذا قبيحٌ من أَبِي سعد، فإنّ صاحب الحديث ما يزال يجرّح ويعدّل. فإذا قال قائل: إن هذا وقوع في الناس دلّ عَلَى أنّه لَيْسَ بمحدِّث، ولا يعرف الجرح من الغيبة. و «مذيّل» ابن السّمعانيّ ما سمّاه إلّا ابن ناصر، ولا دلّه عَلَى أحوال الشّيوخ أحدٌ مثل ابن ناصر، وقد احتجّ بكلامه في أكثر التّراجم، فكيف عوَّل عَلَيْهِ في الْجَرْح والتّعديل، ثمّ طعن فيه؟ ولكنّ هذا منسوبٌ إلى تعصُّبُ ابن السّمعانيّ عَلَى أصحاب أحمد. ومن طالَعَ كتابه رَأَى تعصُّبه البارد وسوء قَصْده. ولا جَرَم لم يُمتّع بما سمِع، ولا بلغ رُتْبة الرواية [٣] .

انتهى كلام ابن الجوزيّ.

قلت: يا أبا الفَرَج، لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتأتيَ مثلَه. فإنّه عليك في هذا الفصل مؤاخذات عديدة، منها أنّ أبا سعد لم يقُلْ شيئا في تجريحه وتعديله، وإنّما قَال: إنّه يتكلّم في أعراض النّاس. ومن جرّح وعدّل لم يسمّ في عرف أهل الحديث أنّه يتكلَّم في أعراض النّاس، بل قَالَ ما يجب عَلَيْهِ، والرجل فقد قَالَ في ابن ناصر عبارتك بعينك الّتي سَرَقْتَها منه وصَبَغْتَه بها. بل وعامَّة ما في كتابك «المنتظم» من سنة نيّف وستّين وأربعمائة إلى وقتنا هذا مِن التّراجم، إنّما أَخَذْتَهُ من «ذيل» الرجل، ثمّ أنت تتَفَاجَمُ عَلَيْهِ وتتفاحج.

ومَن نظر في كلام ابن ناصر في الجرح والتعديل أيضا عرف عترسته


[١] المنتظم.
[٢] في المنتظم.
[٣] وزاد ابن الجوزي: «بل أخذ من قبل أن يبلغ إلى مراده، ونعوذ باللَّه من سوء القصد والتعصب» .